All Insights

لم الشتات وإعادة إعمار القرية

HOURIA7
Blog
byHouria Chouhab
onMarch 25, 2024

في إطار الإستجابة السريعة للزلزال المدمر الذي ضرب أقاليم الحوز وشيشاوة ورزازات وتارودانت، أطلقت مؤسسة الأطلس الكبير (HAF) برنامج التمكين النفسي والاجتماعي في شهر أكتوبر. وقد أحدث هذا البرنامج المصمم لجلب الأمل للقرى المتضررة ومساعدتهم على التعافي أثرا كبيرا. فمنذ بدايته، أجرى فريق عمل المؤسسة 27 ورشة، لامست حياة 693 امرأة و 454 طفلا.

نظمت أحدث الورشات بقريتي إمين تالا وإينغد اللتين تقعان في جماعة أنكال، إقليم الحوز. وعلى الرغم من قربهما من بعضهما البعض، إلا أن هاتين القريتين تحكيان قصة مغايرة لما خلفه الزلزال.

كانت قرية إمين تالا الواقعة على بعد 90 كيلومترا من جبال الأطلس الكبير تعرف بواديها الأخضر النابض بالحياة وساكنتها التي كانت تعيش حياة عادية: الأطفال يرتادون المدرسة، والرجال يهتمون بالمزارع، والنساء يشاركن بنشاط في التعاونيات. وكانت مواسم الربيع والصيف تعمها البهجة والفرح، حيث كان يحتفل بالأعراس وعروض أحواش الغنائية والرقصات التقليدية. اليوم، أصبحت قرية إمين تالا بمثابة تذكير مؤلم بأهوال الزلزال. فالقرية التي كانت تنبض بالحياة، تحمل الآن آثار الدمار. وقد كشفت اللقاءات الأولى مع ممثلي جمعية محلية بالقرية عن حجم الخسائر المذهلة: ليس فقط خسائر مادية كانهيار المنازل والمدارس والمساجد وفقدان الوظائف، بل كذلك خسائر بشرية إثر وفاة 87 شخصا من بينهم 30 طفلا. يظهر الحزن جليا على قرية إمين تالا، حيث تواجه الساكنة بصعوبة تداعيات الزلزال.

HOURIA8

تكرمت الجمعية المحلية بتوفير مأويين جنبا إلى جنب من أجل تيسير ورشة الدعم النفسي والاجتماعي على مدى أربعة أيام، مما يعكس صمود الساكنة وعزمها على إعادة البناء. خُصص أحد المأويين لورشة لفائدة 12 طفلا تتراوح أعمارهم بين 2 و14 عاما. خلال الورشة، واجهت المؤطرة التربوية مشكلة قلق الانفصال، حيث كان الصغار متشبثين بأمهاتهم خوفاً من التخلي عنهم بعد الزلزال نتيجة الصدمة. على مدار الأيام الأربعة، شارك الأطفال في أنشطة تعليمية وترفيهية، مما أعطى بصيصا من الأمل لعودة حياتهم إلى طبيعتها.

اجتمعت 28 امرأة في المأوى الثاني لتلقي الدعم، تحمل كل واحدة منهن ثقل الخسارة المأساوية التي تكبدتها. كشفت روايات الناجيات عن قصص شخصية تدمي القلوب، مثل قصة بديعة التي بعد فقدانها ابنتيها التوأم واجهت حملا غير متوقع. وقد عملت الأخصائية النفسية وميسرات فريق المؤسسة خلال الورشة على تغيير وجهات نظر النساء مع التركيز على إمكانية استئناف حياتهن والنهوض بها.

وفي حين أن الورشات هذه تعتبر مرحلة بالغة الأهمية من عملية الاستجابة، إلا أنها مجرد خطوة واحدة في رحلة أكبر نحو التعافي. يظهر صمود هذه المجتمعات المحلية جليا، إذ يمتد أثر البرنامج إلى ما بعد الورشة. وعندما نتمعن في القوة التحويلية لبرنامج التمكين النفسي والاجتماعي، يتضح لنا أن الرغبة في المضي قدما وإعادة البناء قوية بين النساء والرجال الذين مروا من ظروف عصيبة.

وعلى الرغم من الحزن الشديد الذي خيم على قرية إمين تالا، تتوق النساء إلى الالتحاق بتعاونياتهن حيث اعتدن على إعداد الخبز الطازج والكسكس والحلويات المغربية. لم تكن التعاونية مجرد مكان للعمل، بل كانت رمزا لروح التضامن والصمود والإرادة المشتركة. ومع ذلك، فإن إعادة بناء التعاونية وتوفير المواد الأساسية يشكلان تحديات كبيرة. وبالمثل، يتطلع الرجال إلى العودة إلى مزارعهم واستئناف العمل الذي يعيل أسرهم والقرية، لكن استعادة نشاطهم رهين بتوفير المساعدة لإعادة بناء بنيتهم التحتية الزراعية.

إن الحاجة إلى تقديم المساعدة تتجاوز توفير الدعم العاطفي إلى المساعدة العملية والملموسة، فنساء إمين تالا يتوقن إلى إعادة بناء تعاونياتهن، في حين يتطلع الرجال إلى استعادة أنشطتهم الزراعية. وبالتالي، يمكن لأي نوع من الدعم أن يلعب دورا محوريا في تحويل هذه التطلعات إلى واقع ملموس.

دعونا نتكاتف من أجل دعم قريتي إمين تالا وإينغد وغيرهما من القرى في رحلة إعادة الإعمار. معا، يمكننا أن نطوي صفحة الماضي من أجل بناء مستقبل تزدهر فيه هذه المجتمعات مرة أخرى، لتقف شاهدا على قوة الروح الإنسانية والعمل الجماعي.