Toutes les idées

ذكريات مع الطائفة اليهودية جنوب المغرب: هني وعائلة السيدة فاطمة

Screen Shot 2023 02 06 at 8 49 50 PM
byHigh Atlas Foundation
onFebruary 6, 2023
English Version

أسبوع الوئام العالمي بين الأديان

لمحة عن ذكريات حول الطائفة اليهودية جنوب المغرب: هني وعائلة السيدة فاطمة

أكرض، إقليم تارودانت، المغرب

بقلم: جمال مغيوزي

السيدة فاطمة هي جدة السيدة رشيدة، وتبلغ من العمر 80 سنة. ولدت بقرية أكرض، وانتقلت إلى قرية إيرازان عندما تزوجت. ظلت تعتني بوالدتها منذ وفاة والدها. يقطن أفرادا آخرين من عائلتها بإيرازان وبقرى مجاورة أخرى. تفضل السيدة فاطمة قضاء فصل الصيف مع أقاربها بقرية أكرض وإغرم إذ تمتاز القريتين بجو معتدل، لكن المنطقة تشهد بردا قاسيا خلال فصل الشتاء

تستحضر السيدة فاطمة بوضوح عودة الملك محمد الخامس من المنفى في مدغشقر في نوفمبر 1955، كما تذكر الإجراءات العديدة التي اتخذها لحماية الطائفة اليهودية في المغرب. أعاد الحديث مع السيدة فاطمة ذكريات رحيل أفراد الطائفة اليهودية من تهلا ن إداويملان وإخوانهم في إيرازان، على الرغم من أن الملك محمد الخامس لم يشجعهم أو يفرض مغادرتهم. في إيرازان، عاش الشعب اليهودي مع عائلاتهم ومارسوا تقاليدهم وعاداتهم المتعلقة بالاحتفالات الاجتماعية، بما في ذلك حفلات حديثي الولادة ومراسم الزفاف. أما بالنسبة للمواقع التراثية، فقد بقي كنيس قيد الإنشاء دون اكتمال أشغال بنائه. وأضافت السيدة فاطمة أن ملاح إيرازان كان كبيرا، لكن جزءا كبيرا منه بيع. وقامت الطائفة اليهودية ببناء جدار حول المقبرة لحمايتها من فيضانات الأنهار، وما زالوا يزورونها حتى يومنا هذا. بالإضافة إلى ذلك، سمعت السيدة فاطمة عن موسم أغزو ن بهمو اليهودي في أولاد برحيل الذي كان يقام كل عام، والذي كان يحضره المسلمون أيضا

أخبرت السيدة فاطمة حفيدتها، السيدة رشيدة، أن اليهود لم يفوتوا أبدا فرصة تبادل الهدايا مع أصدقائهم وعائلاتهم في المنطقة خلال أي احتفال. اعتادت النساء اليهوديات على الانضمام إلى مثل هذه المناسبات، وأدين بشكل جميل تزرارين (أي القصائد والأناشيد الأمازيغية التي يتم أداؤها خلال المناسبات الاجتماعية مثل مراسم الزفاف) وأحواش (أي الرقص والأداء الموسيقي الأمازيغي الجماعي المحلي من جنوب المغرب). لطالما شعرت السيدة فاطمة بفرحة عارمة وهي تشاهد عروضهم

روت السيدة فاطمة لقاءاتها مع بعض أعضاء الطائفة اليهودية عندما كانوا يزورون قرية إغرم لأغراض تجارية. كان والدها تاجرا معروفا، حيث كان يعيش في قرية أكرض مع عائلته الصغيرة يبيع الفضة والأقمشة ويتعامل مع التجار اليهود. باع لهم ذات مرة كمية من الفضة، وقاموا بمعالجتها، وصنعوا منها بمهارة قلادات خميسة – كف فاطمة التي تحمي من “العين الشريرة” والحسد. تلقت السيدة فاطمة واحدة منها كهدية من والدها، ونقلتها لاحقا إلى حفيدتها السيدة رشيدة

A young hijabi woman wears traditional dress and a silver necklace resembling an upside-down hand.

السيدة رشيدة تضع قلادة خميسة من صنع حرفي يهودي وتوارثتها عن جدتها التي تلقتها كهدية من والدها عندما كانت فتاة. الصورة بعدسة: سامي فويت لمؤسسة الأطلس الكبير

“في إحدى الليالي، اقتحم لص متجر [والدي] بسوق إغرم المحلي. أخذ ما يريد وترك الشمعة التي تسببت في احتراق المكان. ونتيجة لذلك، أتلفت الأقمشة والفضة في المتجر. بعد تلك الحادثة، دعا [والدي] خياطا يهوديا اسمه هني. مكث مع عائلتنا شهرين أو أكثر، حيث تمكن من إنقاذ القماش الذي لم يحترق. نسج يدويا وبمهارة ملابس للنساء وكذلك الأثاث. كثيرا ما شاهدته وهو يعمل وتعلمت منه هذه الحرفة. لقد كان رجلا لطيفا ومبهجا، وكان يتحدث تاشلحيت بطلاقة”، أضافت السيدة فاطمة، متحدثة عن لقائها مع أحد أفراد الطائفة اليهودية في أكرض، إقليم تارودانت

خلال فترة استضافة هني، كانت جدة السيدة رشيدة تصنع له خبزا خالي من الملح وتزوده بالبيض والشاي والزبدة والماء والأواني اللازمة لإعداد طعامه بناء على القوانين الغذائية اليهودية. كانت السيدة فاطمة تشاهد هني وهو يصلي ويردد نصوصا. “بمجرد انتهائه من الصلاة، كلن يعود إلى العمل على الفور. اعتاد أن يغسل ملابسه ويرتب مكان عمله بنفسه”. انتقل هني إلى مدينة تارودانت وعاش هناك لسنوات. التقى به أحد أقارب السيدة فاطمة هناك بعد سنوات، وكانوا متحمسين لتبادل الأخبار حول عائلاتهم

تتذكر السيدة فاطمة أسماء التجار الذين كانوا يزورون إغرم بانتظام. بن إيجا، وهو صديق آخر لوالدها، باع هذا الأخير الزيتون مقابل التمر والزبدة، التي كان يعيد بيعها في السوق الأسبوعي لخميس ن إيرازان. قام بن هيون، وهو صاحب شاحنة، بنقل وتسليم الفضة وزيت الزيتون والشموع وغيرها من الضروريات اليومية. أما عائلة آيت بن ستيلة، صائغي الفضة، لم تكونوا فقط مجرد تجار كان يتعامل معهم والد السيدة فاطمة، بل كانوا أيضا من أصدقائه المقربين. بالإضافة إلى هؤلاء الأصدقاء، ذكرت السيدة فاطمة أيضا زيارات والدها إلى تهلا ن إداويملان لشراء المنتجات من باقي التجار اليهود، حيث كانت المركز التجاري اليهودي الرئيسي

واختتمت السيدة فاطمة قائلة: “قصة والدي هي مثال حي على كيف عاش المسلمون وأعضاء الطائفة اليهودية في المغرب في وئام حتى قرروا المغادرة”. بالفعل، ذكريات السيدة فاطمة هي من بين العديد من قصص الوئام بين المسلمين-اليهود المغاربة التي تعتبر بمثابة كنز لا يفنى وجب الحفاظ عليه

هذا الحوار هو جزء من سلسلة من الحوارات التي تحتفل بأسبوع الوئام بين الأديان (1-7 فبراير 2023) والتي تم إجراؤها في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب

تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة