Toutes les idées

تيديلي مسفيوة، رحلة إنجاز

Capture decran 2021 08 02 151311
byHigh Atlas Foundation
onApril 28, 2021

زينب لعظم
مسؤولة ميدانية بمشروع من فلاح إلى فلاح
مؤسسة الأطلس الكبير، مراكش

ماذا عن حياةٍ رتيبةٍ مفتقرةٍ إلى حماسٍ يهزها إلى حيث تشهد النجاح؟ يزداد هذا السؤال حدةً عندما يطرحه عليك أحدهم، فتجيب عليه وأنت تنظر إلى واقعك بين مكذبٍ ومصدق. وكم نشعر بالخجل حين نسمع ضميرنا يحدثنا ليلاً بدروسٍ تحثُ على الاستفاقة صوب شيءٍ ما، ثم سرعان ما تجدنا في النهار مضطرين إلى تأجيل الوعود التي قطعناها على أنفسنا إلى أجل غير مسمى … أليس من التعاسة أننا لا نستطيع أن نعد أنفسنا أيضاً بالكف عن هذه المماطلة، إلا إذا تأججت لدينا نزعة الشجاعة، فنعبر من قارب الاحتراز إلى بر الإنجاز

هكذا انطلقت قصة نساء تيديلي مسفيوة بعد ما حضرن ورشة التمكين الذاتي للمرأة، التي أشرفت على تقديمها مؤسسة الأطلس الكبير شهر دجنبر 2020 بشراكةٍ مع برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (من فلاح إلى فلاح). فقد أسهمت هذه الورشة في استلال النساء من مخاوف عديدة وحذرٍ مبالغٍ فيه، وكانت النتيجة الفورية نشأة تعاونية نور الأطلس وتألق تعاونية أمزارو النسوية، إذ تعتبران إلى حد الآن أول تعاونيتين في المنطقة تعملان على إنتاج المعجنات وتسويقها

نساء تعاونيات تيديلي مسفيوة أثناء مشاركتهن في ورشة التمكين الذاتي للمرأة

وفي 14 من شهر يناير 2021 زار فريق مشروع من فلاح إلى فلاح نساء تيديلي بغية مواكبة نشاط التعاونيتين. وكشفت هذه الزيارة التتبعية عن مدى التفاني في العمل، إذ أن تعاونية نور الأطلس على الرغم من أنها حديثة التأسيس إلا أن مزاولة الأنشطة انطلقت بصفة منتظمة تحت تآزر جميع المتعاونات

وبرفقة رئيسة تعاونية نور الأطلس – السيدة حياة بوحسين – فقد تابع الفريق زيارته إلى تعاونية أمزارو لتبادل المزيد من الأفكار والاستفادة من تجربتهم وتبادل الخبرات بين بعضهم البعض، وكانت حقا خطوة ناجحة لبناء العلاقات

توزعت نساء أمزارو على أركان المقر بلباسٍ موحدٍ جميل، وانكشف سرورٌ يغزو المكان، ينقل معه إشاراتٍ تلوح إلى اعتزاز هذه النساء بمهاراتهن التي ميزت عملهن

ومع كل نظرةٍ اتجاه زاويةٍ من زوايا التعاونية، تنجلي المنتوجات المعروضة، ثم تضفي فروهة النساء في التنظيم طابع إحكام العمل من خلال تلك الجداول التنظيمية ومواقيت العمل، وتقسيم المهام والأفواج. وحقيقةً فإن بلاغة القلم تعجز عن وصف كل الجمالية التي يستشعرها أي زائرٍ لهذه التعاونية

تقاسم فريق المشروع مع أعضاء التعاونية التعبير عن هذا الإعجاب بكل الحيثيات التي طورت منها النساء في مدةٍ قصيرة، ثم فتح مجالاً للحوار عن مستجدات العمل بدءاً من أنشطة النساء الحالية وانتهاءً بما يطمحن له

لقد أعربن عن رغبتهن في الاستزادة من الأنشطة فكما جاء على لسان السيدة زهرة بوقسين إحدى المتعاونات التي تكلمت بثقة فياضة، تقول وعلامات الرضَا على ملامحها ” كل ما ترونه الآن من منتجاتٍ دائما ما يتم تحضيره في جوٍ من الحب والانسجام والجدية، و أرى أنه كما نجحنا في عملنا هذا سننجح بالتأكيد في أعمال أخرى، ولا سيما إذا تعلق الأمر بإنتاج نباتاتٍ محلية”

وفي ظل ما قالته السيدة زهرة فقد وافقها الرأي السيد مصطفى اجيك رئيس جمعية أمزارو بالمنطقة، مشيراً إلى إمكانية الحصول على أربعة هكتارات كتعاونٍ بين الجمعية وهذه التعاونية النسوية، بالرغم من أن الحاجة إلى حفر بئر وبناء صوبات ستظل قائمة

تدخل السيد الرشيد منتصر مسير مشروع (من فلاح إلى فلاح) أثناء هذه المحادثة، مشيراً إلى أنه سيتم تكليف خبير متطوع من أجل تطوير خطة عمل لهذا المشروع الزراعي، لتتمكن تعاونية أمزارو من الحصول على منح، وكذا الاستفادة من الأشجار التي يوزعها برنامج إكوسيا بمؤسسة الأطلس الكبير لدعم موسم الغرس سنويا

ومع دخول شهر مارس المنصرم، فقد سهر فريق المشروع على مهمة عقد ورشة عمل تدريبية تخص إجراءات حفظ السجلات، تحت إشراف الخبيرة الامريكية روزماري ماكبرايد بتواصلٍ افتراضي مع الخبيرة المحلية السيدة بسمة عقبي نظرا لأزمة كورونا الراهنة، إذ اشتغلت مع أعضاء تعاونية نور الأطلس و أمزارو المضيفين على العديد من التقنيات والبروتوكولات من أجل تعزيز البنية التنظيمية للتعاونيتين. وقد تميز هذا التدريب بمشاركة عشرون امرأة ورجلان، وما إن اكتملت الورشة حتى تمكن المشاركون من ضبط كيفية تسمية وأرشفة الملفات في جوٍ من التفاعل الشيق مع الخبيرة

لم يتوقف طموح نساء أمزارو عند هذا الحد، بل آمنت كل واحدة منهن بإصرارها في إنماء العمل بإضافة نشاط زراعي إلى قاموس التعاونية. وعلى هذا الأساس ففي 17 من شهر مارس التقى فريق مشروع (من فلاح إلى فلاح) والخبير المحلي السيد العربي ديدوكان بأعضاء التعاونية النسائية من أجل زيارة وتقييم الأرض التي سيتم اعتمادها لإنشاء مشتل لإنتاج الأشجار المثمرة و النباتات الطبية والعطرية مستقبلا

تم إشراك النساء في كل خطوة لوضع خطة عمل لهذا المشروع، مع رسم الأهداف التي يبتغى تحقيقها والمتمثلة في تعزيز الأمن الغذائي، توفير النباتات الطبية و العطرية والأشجار المثمرة للأسر في المنطقة لتعزيز الدخل وحماية البيئة، وكذا خلق فرص عمل مستدامة لهذا المجتمع القروي

وهكذا فقد سعدت النساء بكل التأطير والتوجيه الذي حَظين به، وعَبرن عن اطمئنانِهن تجاه مستقبل هذا المشروع الذي سيُتابع تقدمه خبراء متطوعون لدى مشروع (من فلاح إلى فلاح) السيد العربي ديدوكان بتعاون مع المتطوعة الأمريكية ميكان برينهوفر

لقد كانت فعلا هذه الزيارة فرصة للمتابعة مع النساء فيما يتعلق بالتدريب حول حفظ السجلات الذي أجرته الخبيرة بسمة عقبي، إذ تمكن الأعضاء من بدء استخدام السجلات و الاحتفاظ بِوُصُولاتهم بطريقة مناسبة

فريق مشروع من فلاح إلى فلاح في زيارة ميدانية لأراضي تعاونية أمزارو

ومن جديد، ففي 23 من نفس الشهر فقد زار فريق المشروع قطع الأرض الثلاثة التي تستغلها التعاونية النسائية أمزارو برفقة الخبير المتطوع السيد العربي ديدوكان بحيث تم جمع المزيد من المعلومات حول الأرض من أجل المشتل المستقبلي، كما قدم الخبير توصيات عديدة حول طريقة زراعة النباتات، وفتح مناقشة مؤثرة مع النساء حول أوْلَوِياتهن فيما يتعلق بالمنتجات والأنشطة التي يعملون عليها، وتم ذلك بطريقة تشاركية جيدة

على إثر هذه المناقشة، قاسمتنا السيدة سناء اجيك – كاتبة تعاونية أمزارو – ذلك الفخر الذي تشعر به لما حققته النساء، ولاسيما على المستوى الشخصي. إذ تحكي وهي تبوح بما يجيش في أنفاسها ”بالإضافة إلى عملنا الذي تظهر نتائجه أمامكم الآن ضمن المنتوجات المعروضة والآلات التي نجاهد لاقتنائها، فإنه من أهم الأشياء التي بلغناها تواصلنا مع بعضنا البعض ومع الآخرين وتمسكنا بما نقوم به فبعدما كنا لا ندرك شيئاً عن العمل التعاوني أضحى الآن جزءاً لا يتجزأ عن حياتنا اليومية”

وهكذا فحقا شتان بين من تراخى فانْمَحقت آماله، وبين من تولى أمره بنفسه فأغدق عيشه بعد صَد ورَد مع النفس وظروف الحياة… وذاك هو ركب نساء تيديلي مسفيوة ركبٌ صامدٌ طوال رحلة إنجاز