في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ قيم المشاركة المدنية، تم تنظيم ورشة عمل متميزة بتاريخ 21 يناير 2025، ضمن مشروع تعزيز مشاركة المجتمع المدني والجامعة - جهة الشرق، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية و بشراكة مع العيادة القانونية التابعة لكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة.

وقد شكلت هذه الورشة محطة مهمة لتقوية الوعي القانوني والحقوقي لدى الطلبة والطالبات، إذ تميزت بمشاركة نشطة ومثمرة من جانبهم، وتناولت جملة من المحاور القانونية والحقوقية المرتبطة بالسياق الوطني والدولي، حيث تم تسليط الضوء على المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان، خصائصها، تطورها التاريخي، بالإضافة إلى الآليات الحمائية والأنظمة الوطنية والدولية المعنية بحمايتها.

افتتحت الورشة بتقديم شامل لمفهوم حقوق الإنسان باعتبارها ضمانات قانونية عالمية تكرس القيم الإنسانية الأساسية من حرية ومساواة وكرامة، وتم التأكيد على شمولية هذه الحقوق وتكاملها، إلى جانب كونها غير قابلة للتجزئة و ملازمة للفرد منذ ولادته، كما تم استعراض محطات تاريخية مهمة في تطور الفكر الحقوقي، من مدونة حمورابي وميثاق ماندن، مرورا بالميثاق الأعظم وصحيفة المدينة، وصولا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، وما تلاه من مواثيق ومعاهدات دولية كالعهدين الدوليين لسنة 1966، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها...

كما تطرقت الورشة إلى التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان، والتي ترتكز على ثلاث مستويات مترابطة: (الاحترام، الحماية، والتفعيل)، ومن جهة أخرى، تم تقديم عرض مفصل حول الآليات الدولية والجهوية والوطنية لحماية حقوق الإنسان، مع إبراز أهمية دور المجتمع المدني كمراقب وشريك في تعزيز هذه الحقوق وتفعيلها على أرض الواقع، وشملت المناقشات أيضا الأطر الدستورية والمؤسساتية الوطنية التي تعنى بحقوق الإنسان، من ضمنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب السياسات العمومية والإجراءات الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

وقد أتاحت الورشة للمشاركين فرصة التفاعل مع قضايا حقوق الإنسان من منظور قانوني وعملي، وأسهمت في تعزيز قدراتهم المعرفية والنقدية، كما وفرت منصة للحوار البناء بين الطلبة حول سبل تفعيل هذه الحقوق في السياق الجامعي والمجتمعي.

وتعبيرا عن انخراط الطلبة الفعلي في الورشة، تم تسجيل عدد من المداخلات والتساؤلات التي عكست وعيا متقدما لديهم والماما متزايدا بالإطار القانوني والتنظيمي لحماية الحقوق والحريات، وهو ما يعكس الأثر الإيجابي لهذه المبادرات التكوينية على مستوى التمكين المعرفي والمواطنة الفاعلة.

وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم هذه الورشة يأتي في سياق دينامية متواصلة من الأنشطة التي تنفذها العيادة القانونية بكلية الحقوق بوجدة بشراكة مع مؤسسة الأطلس الكبير، والتي تهدف إلى تكوين جيل جديد من الخبراء، والمستشارين القانونيين الذين يعول عليهم في تقريب هذه المفاهيم والمدركات لفائدة جمعيات المجتمع المدني بالجهة الشرقية.

وختاما، فقد ساهمت هذه الورشة، من خلال مضامينها وتفاعل المشاركين فيها، في ترسيخ دور الجامعة كفاعل محوري في نشر الوعي الحقوقي، وتعزيز العلاقة بين المعرفة الأكاديمية والممارسة المدنية، وجعل الثقافة الحقوقية أداة فعالة للتغيير الإيجابي في محيطها الاجتماعي.