يقال أن لأعياد نهاية السنة سحر خاص فبعد مشاركتي أصدقاء لي عشاء الكريسمس، ذهبت في الصباح لمؤسسة الأطلس الكبير التي اتخذت من حماية البيئة و تشجيع التنمية المستدامة هدفا لها و التي أشتغل فيها متطوع. كعادته سعيد يحمل أخبارا سعيدة. بالله أمين نحن ذاهبون إلى الميدان فهل تود الحضور؟
نعم و كيف لا، فشرف لي أن أرى جبال الأطلس الشامخة التي في ثناياها ما يعبر مرة أخرى عن مدى قوة الروابط الأخوة التاريخية التي تجمع الشعبين الجزائري و المغربي، فعلى سبيل المثال لا الحصر – بما أنني من هواة المطالعة – كأنني أصعد “الدروب الصاعدة” لمولود فرعون أو أسير على خطى الدكتور بشير في رحلته إلى المغرب في كتاب “الأفيون و العصا” لمولود معمري
،ECOSIA يعمل سعيد في مشروع
، برنامج يهدف إلى تهيئة مشاتل خاصة بالأشجار المثمرة توزع بعد نموها (من بذور إلى شجيرات) إلى التعاونيات و الفلاحين و المدارس قصد تثمين المنتجات الفلاحي من جهة و كذا زرع ثقافة الأشجار و المحافظة على البيئة في النشء الصاعد
بعد الانطلاق صباحا بقيادة سي محمد و سي حسن على إيقاع أنغام مختارة من طرف هذا الأخير، كانت المحطة الأولى مشتلة أكريش، شيدت هذه المشتلة على أراض مقدمة من طرف القائمين على الجالية اليهودية (بما أنها تحوي مقبرة و معبد) بعد عقد اتفاق شراكة بينها و بين مؤسسة الأطلس الكبير تسمح باستغلال المساحات الشاغرة لغرس بذور أشجار التين و الرمان، تجمع عند نموها في باقات من 25 وحدة مخزنة بإحكام و جاهزة للتوزيع. هذه الخطوة و بغض النظر عن أهداف التنمية المستدامة تساهم في تعزيز مبادرات التفتح على الأخر و تقبله التي تزيد من تماسك المجتمع المغربي بمختلف أطيافه. كان الهدف من هذه الزيارة الميدانية تزويد المسؤول عن المشتلة (وهو موظف من طرف المؤسسة) بوسائل ضرورية و كذا الوقوف على مدى تقدم الأشغال
بعد وجبة غذاء شهية (طاجين لا يعرف أسرار إعداده إلا المغاربة)، كانت الوجهة إلى إمليل قصد التزود ببذور شجرة الجوز(فاكهة ذات قيمة غذائية و اقتصادية كبيرة)، إمليل وجهة سياحية خاصة لعشاق الرياضات الجبلية كون أنها منطلق الراغبين في الوصول إلى قمة توبقال (ثاني أكبر قمة في إفريقيا) كما أن العديد من الدواوير (المداشر) مازالت تحافظ على هندستها البسيطة و الفريدة وتحوي على رياضات مميزة. شخصيا أحببت المنظر و استمتعت بالاستماع إلى لهجة أمازيغية محلية تتقاطع مع اللهجات الأمازيغية الجزائرية في عديد الكلمات. فضلا عن سياق نشاطها الدؤوب تسعى مؤسسسة الأطلس الكبير بالشراكة مع مصالح الغابات إلى تكثيف الغطاء النباتي الجبلي بأشجار غابوية كأشجار السرو مثلا
المحطة الأخيرة قبل العودة كانت تفقد مشتلة تادممت أين ستزرع بذور الجوز القادمة من إمليل، قام سي عمر بإيضاح مختلف أعمال التهيئة المنجزة و قام فريق مؤسسة الأطلس بإعطاء توجيهات حرصا على إتمام الأشغال المتبقية و الدقة في التنفيذ وكذا إحصاء المستلزمات الناقصة لدعم سي عمر و فريقه. هذه المشتلة المناسبة خاصة للأشجار الجوز ستحمل أيضا شجيرات اللوز و خاصة الكرز. أود أن أشكر سي عمر(المسؤول عن المشتلة والموظف من طرف المؤسسة) على شاي الأعشاب الجبلية المقدم لنا في انتظار بذور الجوز التي خزنت بالطريقة الملائمة قبل غرسها في غضون الأيام القادمة و التي بدورها ستكون تحت تصرف التعاونيات و الفلاحين بعد نموها تجسيدا لالتزام مؤسسة الأطلس الكبير في دفع عجلة التنمية المستدامة محليا
أقدم جزيل امتناني لعائلة الأطلس و على رأسهم سعيد البناني على هذه المغامرة الشيقة و الممتعة و النافعة و كما أخبرتني جبال الأطلس كلنا معنيون فلا حياة بدون مصالحة مع البيئة، لا مفر
أنوه فقط وأنا من عائلة الأشغال العمومية بالحالة المتدهورة لشبكة الطرق التي تعيق مختلف مستخدمي الطريق خاصة أن المنطقة تزخر بمؤهلات فلاحية و سياحية هائلة