مستجدات برنامج التعافي من تداعيات زلزال 8 شتنبر

أصدقاء وشركاء المؤسسة الأعزاء،

مضى 31 عاما على قدومي إلى المغرب كمتطوع في هيئة السلام بجبال الأطلس الكبير، جماعة توبقال. أنا، مثل العديد من المتطوعين الذين قدموا إلى المغرب للتطوع لبضع سنوات، وجدت هدفا أبديا هنا بين الناس. يسعى المغرب إلى تحقيق تنمية شاملة على جميع المستويات، تحددها وتقودها المجتمعات المستفيدة من المبادرات المستدامة. يجسد هذا المبدأ رؤية مؤسسة الأطلس الكبير ورسالتها.

عندما ضرب زلزال الثامن من شتنبر، تعرضت القرى الجبلية حيث نشأت مؤسسة الأطلس الكبير لصدمة وألم وخسارة غير مسبوقة. تبين لنا أن علاقاتنا هي التي تحدد مدى قدرتنا على المساعدة في التعافي، أي شراكاتنا مع الناس وجمعياتهم المحلية، ومع الحكومة ووكالاتها، ومع المساهمين الأفراد والمؤسسات داخل الوطن وخارجه. تعلمنا أن قناعات مؤسستنا والتزام فرقنا واتحادنا وفعالية أنظمتنا هي التي مكنتنا من تقديم أكبر قدر من الدعم. ونحن عازمون أكثر من أي وقت مضى على أن نحقق الأفضل.

ما زلنا اليوم في خضم إعادة البناء وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للعائلات. ندعوكم للانضمام إلينا من جديد، ومواصلة دعمنا، وحشد الجهود حتى نكمل مسيرتنا هاته نحو دعم ساكنة جبال الأطلس الكبير في رحلة التعافي الشامل، والازدهار التام، وتحقيق أحلامهم.

نأمل أن تستلهمكم هذه النشرة الإخبارية لتنضموا إلينا، حتى نشهد تعافي هذه المجتمعات بعد الخسارة الجسيمة التي لحقت بهم وتحقق رؤى المشاريع المجتمعية. فلا بد لنا من الاستمرار والمضي قدما سويا.

مع خالص الشكر والتقدير،

بناء القدرة على الصمود: التمكين النفسي والاجتماعي للجماعات

ونؤمن في مؤسسة الأطلس الكبير بأهمية التمكين النفسي والاجتماعي في إحداث التغيير، إيماننا الراسخ ما لبث أن أصبح أقوى من أي وقت مضى. وبينما نركز على إعادة الإعمار وإصلاح البنية التحتية، فإننا ندرك الأهمية القصوى لرعاية الروح الإنسانية. واستجابةً لذلك، قمنا بتكييف منهجية التمكين التشاركي "تصورات التمكين" (IMAGINE)، حيث عملنا إلى تفعيلها منذ سنوات، وأشرفنا على سلسلة من حلقات التدريب النفسي والاجتماعي لنساء المناطق المتضررة. تشكلت ثلاثة فرق مخصصة لهذه الجلسات التمكينية النفسية والاجتماعية، حيث يضم كل فريق مدربين اثنين ومعلم وأخصائي نفسي.

يكمن جوهر منهجية "تصورات التمكين" في تحقيق اكتشاف الذات الذي يؤدي بدوره إلى وضع الخطوات اللازمة لتحقيق النمو الشخصي والمجتمعي المستدام. لقد شهدنا عن كثب كيف استطاع أفراد المجتمعات المتضررة التعايش مع آلامهم والمشاركة في رحلة التعافي الجماعية. وبتعزيز روح الانتماء والوحدة، يمكّن دعمنا النفسي والاجتماعي الساكنة المحلية من اتخاذ قرارات مدروسة بشأن أولوياتها والعمل معاً من أجل استعادة الاستقرار.

تشكل معالجة الأثر النفسي للزلزال جزءًا لا يتجزأ من جهود التعافي المستدام التي نوليها أولوية كبرى ومستمرة.

توفير فضاءات آمنة للأطفال

لقد خلّفت هذه الكارثة ندوب دائمة في نفوس الأطفال، بعضها واضح للعيان وبعضها الآخر لا تدركه العين. إن اضطراب الحياة الروتينية ومعايشة فقدان الأحبة له تأثير عميق على السلامة النفسية للأطفال، حيث أن الخوف والارتباك قد يستمران لفترة طويلة بعد توقف الهزات الأرضية.

وللتعامل مع هذا الوضع، سعى مشروعنا إلى خلق مساحات آمنة يعبر فيها الأطفال عن مشاعرهم بعناية. وفضلًا عن إقامة ورشات التمكين، قمنا بتوظيف معلمين لمساعدة الأطفال على استيعاب مشاعرهم واستعادة جو من التوازن في حياتهم. وذلك من خلال أنشطة ترفيهية وفنية، حيث يجدون متنفساً إبداعياً لاستكشاف مشاعرهم والتأمل في تجاربهم.

سوف يساعد دعمكم المباشر في مواكبة جهود الدعم النفسي لفائدة:

توريد مياه الشرب وتأهيل أنظمة الري

ساهمت الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والري في تفاقم معاناة المزارعين الذين يكابدون ظروف الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية. لذلك نعمل في شراكة مع المجتمعات المحلية في جبال الأطلس الكبير لبناء وإصلاح أنظمة المياه للشرب والري والصرف الصحي ومستلزمات النظافة. ويُمكّن توزيع عبوات حفظ المياه وفلاتر المياه السكان من الحصول على مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه ويكفل صحة السكان.

في قرية المكايات، جماعة أغبار، كشفت عملية الاستطلاع الأولية مع المجتمع المحلي عن الحاجة الملحة لترميم أنظمة المياه الخاصة بهم. وبفضل دعم شركائنا والجهات الداعمة والمانحين، تحقق تقدم واضح.

ويحتفي السي العربي، الذي يظهر في الصورة أعلاغ، باكتمال نظام الري في قرية المكايات، وهي خطوة حيوية نحو تنشيط سبل العيش لأبناء القرية. والجهود متواصلة لسدّ العجز في تخزين المياه، حيث أوشك خزان مياه على الانتهاء، كما يجري العمل على إنشاء ثلاثة مرافق إضافية. وتأتي هذه الجهود مواكبةً لتطلعات المجتمع المحلي لاستغلال هذه الموارد في غرس الأشجار، الأمر الذي يؤكد التزامنا جميعا بتحقيق الانتعاش المستدام.

ويعكس التقدم الذي تحقق في قرى مثل المكايات النهج الهادف الذي يضمن حصول كل منطقة على دعم يلائم احتياجاتها الخاصة.

الوحدات السكنية المؤقتة

قطعنا شوطًا مهمًا إلى الأمام من خلال بناء 100 وحدة سكنية مرحلية في المنطقة، حيث تم تسليم أول دفعة منها في إقليم الحوز. استفاد 27 أسرة في جماعة أغبار من مساكن محمية بشكل جيد، مما يوفر لهم الدفء والأمان إلى حين الانتهاء من بناء مساكن دائمة. وقد أعرب السيد العربي، ممثل جماعة أغبار، عن أن توفير الملاجئ لا يمنح فقط شعوراً بالراحة خلال فترة صعبة للغاية، بل ويوفر أيضاً فرصة للتجديد:

"هذا العمل يتجاوز مجرد توفير المأوى؛ فهو يعيد الإحساس بالحياة الطبيعية والاستقرار"، مضيفًا: "إنها [الملاجئ المؤقتة] تمنحنا بداية جديدة لبناء حياتنا كما نريد".

على الرغم من هذا التقدم، لا تزال التحديات قائمة. ولا تزال العديد من العائلات تعيش في خيام مؤقتة في انتظار حلول دائمة للإسكان. إن ضرورة توفير مساكن مرحلية أمر بالغ الأهمية لسد الفجوة بين حل الخيام الفوري والمؤقت وبين إعادة بناء المنازل الدائمة في نهاية المطاف.

معاً، يمكننا أن نعمل على تأمين مستقبل هذه الأسر في رحلتهم نحو التعافي.

منذ أجيال مضت، دأب سكان جبال الأطلس الكبير على استخدام المدرجات الزراعية، وذلك من أجل التحكم بشكل أكبر في تدفق المياه وتآكل التربة واستغلال الأراضي. وقد أدت الأضرار الأخيرة التي لحقت بهذه المدرجات الزراعية إلى تعطيل إمدادات المياه المحلية وعرقلة إنتاج المزارعين المحليين، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش الأسر المزارعة في المنطقة.

وللتصدي لذلك، نتعاون مع المزارعين والجمعيات المحلية والتعاونيات لإعادة بناء المدرجات الزراعية وتوسيعها. وبانتهاء هذا المشروع، سيتم ترميم 16 هكتاراً من المدرجات (حوالي 800 مُدَرَّج) واستغلالها، مما يدعم حوالي 25,000 شخص في جبال الأطلس الكبير.