زينب لعظم
مسؤولة ميدانية بمشروع من فلاح الى فلاح
أجمل الأزمنة زمان يعرف قدري، ينصفني إذا أعطيت، يعاقبني إذا اخطأت، لا مكان فيه لحاقد أو مزيف، زمان تشد فيه الرحال لحضن الأحباب، زمان تتخلله لحظات نتمنى أن نعيشها ألف مرة ولا نشبع منها أبدا، زمان تسقط فيه كل التعابير لتحل مكانها الابتسامة
من مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا قدمت الخبيرة الأمريكية السيدة -جو آن كوهن- لتخلق هذه الابتسامة على وجوه سيدات ما أشد صبرهن
ففي صباح يوم الاثنين 23 ماي 2022، انطلق فريق عمل مشروع من فلاح إلى فلاح من أجل مهمته الخمسين الى منطقة واويزغت بإقليم أزيلال وذلك بغية عقد لقاء ميداني أولي بين أعضاء التعاونية والخبيرة الأمريكية المتطوعة
لم تكن السيدة -جو آن- رسمية في حديثها مع النساء بقدر ما تقربت منهن بطريقتها الخاصة والرائعة، فاستأنسن بالحديث معها. لقد أخذت كل واحدة تعبر عن قصة التحاقها بالتعاونية وتخبطها في خطوب الدهر. و بالموازاة تواصل السيدة – جو آن- حديثها مع النساء لتبحث عن المزيد من نقط الالتقاء بينها وبينهن، مما جعل الحديث يستفيض أكثر فأكثر، وتكتشف بعدها كل حاضرة أن قصتها لم تكن مختلفة كثيرا عن باقي القصص، بل إنها فقط مجرد قصة واحدة بشخصيات مختلفة! ثم تختم كل سيدة كلامها بنفس الطريقة -ابتسامة غامضة- قد توحي إما ببداية جديدة أو حسرة على الماضي
التقاء السيدة الخبيرة الأمريكية المتطوعة بنساء تعاونية وردة الأطلس
تقول السيدة -جو آن- أنها قد استشعرت بعد ذاك الحديث مع النساء حقيقة منتوجات التعاونية، ورغبت بعدها في وضع لمستها إلى جانب ما تصنع أيديهن بكل حب، بالرغم مما يعانين من ضغوط حياتية وعملية
لقد شاركنا النساء في تزيين الحلوى المغربية، والبسمة تزين محيا الجميع. لم تكن الحلوى المنتوج الوحيد لتعاونية وردة الأطلس، بينما تكاد تكون هذه الأخيرة إحدى أكثر التعاونيات متعددة الاختصاصات: حلوى مغربية، عسل، زعفران و منتوجات أخرى…كما يعزمن أجمعهن على الرغبة في الاستزادة من المنتجات، على اعتبار أنها كنوز محلية تستوجب التثمين
السيدة الخبيرة الأمريكية المتطوعة جو آن رفقة نساء تعاونية وردة الأطلس أثناء تزيين الحلوى المغربية
وبعد رحلة عمل متواصلة من التحضير والاعداد للتكوين الذي سيستفيد منه النساء، و المتمحور حول تقنيات دفتر التحملات، استطاعت السيدة -جو آن- أن تمكن النساء من بعض المهارات ولم تبخل أبدا في تلقينهن ما يحتجن من المعارف الأساسية في هذا المجال
بخلاف اليوم الأول، فقد حاولت أن تحدد معنى واضحا لابتسامة نساء تعاونية وردة الأطلس عند تسييرها للورشة التكوينية، إذ عبرت كل مشاركة عن مدى حماسها للسعي وراء تحقيق ما تم تعلمه، رغم صعوبة الجمع بين العمل داخل التعاونية وتحصيل المطالب الإدارية
لقد كانت الأفكار التي تشارك معهن بكل عفوية تجعل النساء يتفاعلن معها بشكل واسع، وهذا ما زاد من فرصة بلوغنا أهداف المهمة التي قدمنا من أجلها
إذ تقول السيدة -حفيظة الشرفي- رئيسة التعاونية بلهجة قوية تخللها ابتسامة فخر وتفاؤل: ” كل الكلمات لن تكفيني للتعبير عن رغبتنا في تطوير أنشطة التعاونية منذ 2014 ، ودائما ما كنا نضع حواجز معنوية ومادية أمامنا، لكننا الآن نحاول أن نتقدم بخطوات بسيطة مستمرة دون أن نلتفت للصعوبات…وسنظل كذلك
نساء تعاونية وردة الأطلس أثناء استفادتهن من ورشة تكوينية حول دفتر التحملات
توج بعدها هذا العمل بزيارة ميدانية لمشتل واويزغت التابع لمؤسسة الأطلس الكبير. والذي يحتضن أكثر من 200000 شجرة مثمرة، وهو ما يوحي حقيقة برغبة المؤسسة في النهوض بالمنطقة
زيارة ميدانية لمشتل واويزغت رفقة الخبيرة الأمريكية المتطوعة
ثم سرعان ما انطلق فريق عمل مشروع من فلاح إلى فلاح لتتمة هذه المهمة مع تعاونية كنوز الممتاز في إقليم الرحامنة بجهة مراكش آسفي رفقة السيدة الخبيرة -جو آن- من جديد
حقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي نعمل فيها مع كنوز الممتاز، إلا أنه في كل مرة استشعر طابع الصداقة والابتسامة الحقيقيتان من خلال هذه التعاونية.
في كل مرة لا تتردد حورية عزيزي وسارة بودرجة عن قول: “نحن صديقتان منذ الطفولة، هاجرنا من مدينة مراكش منذ سنوات وهاجر معنا حلمنا لهذه المنطقة من أجل شيء واحد فقط لا غير، أن ننشأ مشروعنا الخاص”
ثم استرسلت السيدة -جو آن- معهن في الحديث لتعلم بعدها أنهن يرغبن في إنشاء وحدة لإنتاج الكينوا بالمنطقة، بينما كنت حينها أنظر لشتلات الكينوا تلك وهي تحيط بنا من كل جانب، وأتذكر في الآن ذاته كم أن غرسها كان أيضا كلمات قد شاركنها معنا منذ بضعة أشهر، وها هي قد ترجمت الآن على أرض الواقع
شاركت معهن السيدة الخبيرة -جوآن – القواعد الأساسية لكتابة دفتر التحملات، بالإضافة إلى بعض المنصات الإلكترونية التي من شأنها أن تساعدهن في النهوض بالتعاونية، بحكم ذكائهن ورغبتهن في دمج أفراد مجتمعهن الصغير داخل العمل التعاوني، وما يحمله ذلك من منافع
زيارة ميدانية من فريق مشروع من فلاح إلى فلاح رفقة الخبيرة الأمريكية المتطوعة لتعاونية كنوز الممتاز بإقليم الرحامنة
وبالنهاية لقد أدركت من خلال هذه المهمة، أن طبيعة المرأة تحكمها داخل عملها، فشلها ونجاحها، حزنها وسرورها، تجاهلها واهتمامها، قد تعبر عن هذا كله بابتسامة ! نعم إنها متناقضات لكنها هي كذلك، بل هي عن نفسها وقد لا تفهم ذلك
لقد كانت تصلني بإحساس رقيق جميل، ابتسامات نساء وردة الأطلس، وابتسامات نساء كنوز الممتاز، وكذا السيدة -جو آن- ابتسامات مختلفة لكنها تتحد في كونها صادقة
لقد علمت حقا من خلال هذه المهمة أن امرأة ما دامت تبتسم، فهي إما تحاول أن تخفي شيئا أوتبوح بشيء آخر، إنها هي كذلك! إنها ابتسامة امرأة