جميع الرؤى

القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة

Son017
المدونة
byسلاف بوزي
onApril 11, 2025

في إطار تنزيل مشروع تعزيز مشاركة المجتمع المدني والجامعة -جهة الشرق-، وبدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية، نظّمت مؤسسة الأطلس الكبير، بشراكة مع جامعة محمد الأول والعيادة القانونية بكلية الحقوق بوجدة، دورة تكوينية حول "القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة"، وذلك يوم 12 فبراير 2025، بمقر الكلية، تحت تأطير الأستاذ حميد اربيعي.

استهل الأستاذ الدورة، بتسليط الضوء على مكانة المغرب في خارطة الهجرة الدولية، باعتباره نقطة عبور رئيسية بين إفريقيا وأوروبا، مما جعله وجهة للإقامة والاستقرار بالنسبة للعديد من الأجانب، سواء للعمل، أو الدراسة، أو الاستثمار، أو حتى اللجوء، الشيء الذي جعل المشرع يتدخل لتنظيم هذا الموضوع بمقتضى مجموعة من الظهائر، والتي كشف تطبيقها على مجموعة من الاختلالات، استدعت نسخ أحكامها وتعويضها بمقتضيات "القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير المشروعة"، والذي استدعى بدوره إصدار النصوص التطبيقية لمقتضياته، تجسدت في المرسوم رقم 2.09.607، وعشر قرارات وزارية، في انتظار صدور النص التطبيقي للمادة 34 من نفس القانون.

وبعد هذه التوطئة التشريعية، ارتأى الأستاذ تقسيم الورشة إلى محطتين:

المحطة الأولى للتطرق للإطار النظري للقانون 02.03.

المحطة الثانية للوقوف عند الجانب التطبيقي لهذا القانون.

المحور الأول: الإطار النظري للقانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير المشروعة.

تطرق فيه الأستاذ إلى مضامين هذا القانون، إذ ميز بشأنها بين السلطات الممنوحة للإدارة، والضمانات الممنوحة للأجنبي.

السلطات الممنوحة للإدارة

تتجلى هذه السلطات في ثلاثة مظاهر:

السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة

باستقراء مقتضيات القانون 02.03 نجد بأن المشرع جعل هذه السلطة بين يدي الإدارة، منذ وصول الأجنبي إلى حدود تراب المملكة، من خلال تخويلها الحق في التحري عن أسباب قدومه، والبحث في موضوع التأشيرة، والموارد المالية التي ستمكنه من الإقامة بالمملكة، وكذا مكان الإقامة وضمانات الرجوع إلى موطنه، وغيرها...

ولم يحصر المشرع السلطة التقديرية للإدارة في هذه المرحلة فقط، وإنما جعلها تمتد إلى المرحلة التي يقيم فيها الأجنبي، بالتراب الوطني، بحيث إنه إن أراد أن يستقر لمدة تفوق ثلاثة أشهر، يجب عليه تقديم طلب الإقامة إلى الإدارة، سواء تعلق الأمر بطلب بطاقة التسجيل التي تسمح له بالإقامة لمدة لا تفوق عشر سنوات، أو بطاقة الإقامة التي لم يحدد لها المشرع تاريخ صلاحية، والإدارة لها كامل السلطة في قبول هذا الطلب أو رفضه، ونفس الأمر يسري على طلب تجديد هذه البطائق، والتي يمكن كذلك للإدارة سحبها كلما تبين لها بأن هناك داع لذلك، بالإضافة إلى هذا سمح المشرع للإدارة بإخضاع الأجنبي لمراقبة الهوية طيلة فترة إقامته بالمغرب، بالإضافة إلى جعل ممارسته للتجارة أو أي عمل حر، مرهونا بالحصول على موافقتها، وغيرها من الصور التي تبين مدى امتداد السلطة التقديرية لهذه الأخيرة تجاه الأجنبي.

2. الوسائل القسرية الممنوحة للإدارة:

وضع المشرع المغربي بمقتضى القانون 02.03، وسيلتين أساسيتين:

الاقتياد إلى الحدود:

وقد حدد الحالات التي تخول للإدارة اللجوء إليه، بمقتضى المادة 21 من القانون 02.03 كما يلي:

- إذا لم يستطع الأجنبي أن يبرر أن دخوله إلى التراب المغربي قد تم بصفة قانونية، إلا إذا تمت تسوية وضعيته لاحقا بعد دخوله إليه ؛

- إذا ظل الأجنبي داخل التراب المغربي لمدة تفوق مدة صلاحية تأشيرته، أو عند انصرام أجل ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ دخوله إليه، إذا لم يكن خاضعا لإلزامية التأشيرة وذلك ما لم يكن حاملا لبطاقة تسجيل مسلمة بصفة قانونية ؛

- إذا ظل الأجنبي الذي تم رفض تسليمه سند إقامة أو تجديده أو تم سحبه منه، مقيما فوق التراب المغربي لمدة تفوق 15 يوما ابتداء من تاريخ تبليغه الرفض أو السحب ؛

- إذا لم يطلب الأجنبي تجديد سند إقامته وظل مقيما فوق التراب المغربي لمدة تفوق 15 يوما بعد انقضاء مدة صلاحية سند الإقامة ؛

- إذا صدر في حق الأجنبي حكم نهائي بسبب تزييف أو تزوير أو إقامة تحت اسم آخر غير اسمه أو عدم التوفر على سند للإقامة ؛

ـ إذا تم سحب وصل طلب بطاقة التسجيل من الأجنبي بعد تسليمه له ؛

ـ إذا سحبت من الأجنبي بطاقة تسجيله أو إقامته، أو تم رفض تسليم أو تجديد إحدى هاتين البطاقتين، وذلك في حالة صدور هذا السحب أو الرفض تطبيقا للأحكام التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل، بسبب تهديد للنظام العام.

الطرد

كما هو الشأن بالنسبة للاقتياد إلى الحدود، فقد حدد المشرع الحالة التي يمكن فيها لجوء الإدارة لهذا الإجراء، بمقتضى المادة 25 من القانون 02.03، إذ يمكن أن يتخذ قرار الطرد من قبل الإدارة، إذا كان وجود الشخص الأجنبي فوق التراب المغربي يشكل تهديدا خطيرا للنظام العام، مع تخويل الإدارة إمكانية إلغاء هذا القرار أو التراجع عنه في أي وقت من الأوقات.

لكنه في المقابل حدد مجموعة من الحالات التي لا يمكن فيها للإدارة أن تلجأ إلى هذا الإجراء، وذلك إذا تعلق الأمر ب:

- الأجنبي الذي يثبت بكل الوسائل إقامته فوق التراب المغربي بصفة اعتيادية منذ أن بلغ على الأكثر سن السادسة من عمره ؛

- الأجنبي الذي يثبت بكل الوسائل إقامته فوق التراب المغربي بصفة اعتيادية منذ أزيد من خمس عشرة سنة ؛

- الأجنبي الذي أقام فوق التراب المغربي بصفة قانونية منذ عشر سنوات، إلا إذا كان طالبا طيلة هذه المدة ؛

- الأجنبي المتزوج من مواطن مغربي منذ سنة واحدة على الأقل؛

- الأجنبي الذي يكون أبا أو أما لطفل مقيم فوق التراب المغربي ومكتسب للجنسية المغربية بحكم القانون، شريطة أن تكون له النيابة الشرعية عن الطفل وأن يكون متكفلا بنفقته بصورة فعلية؛

- الأجنبي المقيم بصفة قانونية فوق التراب المغربي بموجب سند من سندات الإقامة المنصوص عليها في هذا القانون أو في الاتفاقيات الدولية والذي لم يسبق أن صدر في حقه حكم نهائي بعقوبة حبسية لا تقل عن سنة واحدة نافذة ؛

- المرأة الأجنبية الحامل ؛

ـ الأجنبي القاصر.

لكن نجد بأن المشرع أفرغ هذه المادة من مضمونها بمقتضى المادة 27 التي سمحت باتخاذ قرار الطرد، كلما كان يشكل ذلك ضرورة ملحة لحفظ أمن الدولة أو الأمن العام.

3) التجريم:

وضع المشرع أحكاما زجرية بمقتضى القسم الثاني من القانون 02.03، والتي تمكن من فرض عقوبات على الأجنبي، في حالة مخالفته للأنظمة القانونية الوطنية الجاري بها العمل، في أي مرحلة من مراحل تواجده بأرض الوطن، وهذه العقوبات تتنوع بين ما يمس الذمة المالية للأجنبي وما يمس حريته، حسب درجة جسامة الفعل المرتكب من قبله.

إذا كانت هذه هي الامتيازات التي منحها المشرع للإدارة في مواجهة الأجنبي، فما هي الضمانات التي أقرها لصالح هذا الأخير في المقابل؟

الضمانات الممنوحة للأجنبي بمقتضى القانون 02.03

لخص الأستاذ هذه الضمانات في 3 صور:

مصادقة المغرب على جل الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان:

إذ تُشكل مصادقة المغرب على معظم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ضمانةً للأجانب الموجودين في المملكة من خلال:

أ) حماية قانونية معززة: تلتزم الدولة باحترام حقوق الأجانب وفق المعايير الدولية، مثل الحق في المحاكمة العادلة، وعدم التمييز، وحماية الكرامة الإنسانية.

ب) ملاءمة القوانين الوطنية: يدفع الانخراط في هذه الاتفاقيات إلى تعديل القوانين الداخلية لتتماشى مع الالتزامات الدولية، مما يعزز حماية الأجانب قانونيًا.

ج) إمكانية اللجوء إلى الهيئات الدولية: يمنح الانضمام لهذه الاتفاقيات للأجانب الحق في تقديم شكاوى إلى الهيئات الدولية المختصة في حالة انتهاك حقوقهم.

د) رقابة دولية: يخضع المغرب لتقارير دورية أمام لجان الأمم المتحدة، مما يحد من الانتهاكات ويعزز مساءلة السلطات.

وبالتالي، تساهم هذه المصادقات في ضمان معاملة عادلة وإنسانية للأجانب داخل المغرب.

لكن رغم ذلك، ترصد مجموعة من جوانب القصور ضمن مقتضيات القانون 02.03 وهو ما يتطلب مزيدًا من التعديلات القانونية لتعزيز التوافق مع الالتزامات الدولية.

تخويل الأجنبي الحق في اللجوء إلى القضاء:

إذ يمكن للأجنبي الطعن في القرارات السلبية الصادرة في حقه من طرف الإدارة، خاصة وأن القضاء الإداري، يتبنى فلسفة مغايرة للقضاء العادي، فمثلا على مستوى الإثبات، وفقا لهذا الأخير، تكون "البينة على من ادعى"، لكن القاضي الإداري يعي جيدا التفاوت بين مراكز المتقاضين، مما يجعله يخرج عن القاعدة العامة في الإثبات، وينقل هذا العبء إلى الإدارة إذا تعذر على طالب الطعن (الأجنبي) القيام بذلك.

لكن ما يكبح من فعالية هذه المقتضيات، هو قصر آجال الطعن (48 ساعة بالنسبة لقرار الطرد، 15 يوما بالنسبة للاقتياد إلى الحدود...).

3) تعليل القرارات الإدارية السلبية الصادرة في حق الأجنبي


Son016

المحور الثاني: المنازعات المرتبطة بتطبيق القانون 02.03

في هذا المحور، قام الأستاذ بعرض أكثر من عشر قضايا، تعكس كيفية تعامل القضاء المغربي مع النزاعات، والتي لمسنا من خلالها التطور الذي عرفه هذا الأخير، فبعد أن كانت مقرراته تتسم بالاحتشام و إطلاق يد الإدارة في مواجهة الأجنبي، أصبحت هذه المقررات، أكثر جرأة في إنصاف هذا الأخير، والفضل في ذلك راجع إلى صدور القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، حيث أن الحصيلة كانت إيجابية جدا مقارنة بالمرحلة السابقة لإنشاء هذه المحاكم، لكن على الرغم من ذلك لا تزال هناك مجموعة من العراقيل التي تحد من فعالية إنصاف الأجنبي أمام القضاء، والتي ترتبط جلها بالقصور الذي يشوب مقتضيات القانون 02.03 التي أشرنا إليها سابقا.

توج هذا اللقاء العلمي المميز بإبداء مجموعة من الاقتراحات والتوصيات من قبل الأستاذ، لاسيما تلك المتعلقة بمراجعة القانون 02.03 حتى يتم تحقيق التوازن بين مبدأ سيادة الدولة ومبادئ حقوق الإنسان.

وقد شكلت هذه الحصة التكوينية إضافة نوعية لمساري البحثي في القانون، حيث مكنتني من تعزيز فهمي لتفاصيل القانون 02.03 من منظور عملي، من خلال الحالات الواقعية المعروضة، والنقاشات الثرية بين المشاركين والأستاذ، حيث أتيحت لنا فرصة طرح أسئلة حول إشكالات تطبيق هذا القانون، مثل مدى انسجامه مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وإمكانية تعديل بعض مقتضياته لمواكبة التحولات الراهنة في سياسة الهجرة.