Toutes les idées

التحرش الجنسي المغربي داخل مقر العمل في القانون الجنائي المغربي

Unnamed 2
Blog
byIsmail Boukili Makhoukhi
onJune 1, 2021

By Ismail Boukili Makhoukhi

يعتبر حق الشغل من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الإنسان طيلة حياته، وقد يأتي في المرتبة الثانية بعد الحق في الحياة وذلك لأهميته القصوى، لذا تدخل القانون لتنظيمه وتقنينه وشمله بالحماية القانونية اللازمة له، كما أن العمل عنصر هام وفعال في عملية الإنتاج، لذلك عملت كل التشريعات على توفير جو ملائم قصد ممارسة هذا الحق، وذلك انطلاقا من إنشاء مجموعة من المعامل و المصانع وكذا إحدات المقاولات، بإعتبارها مكانا يتوافد عليها العديد من الأجراء، وبالتالي فلا يجادل أحد فيما قد تعرفه هذه الأماكن المخصصة للعمل من ممارسات وتصرفات لا أخلاقية، حيث يمكن أن يتعرض هؤلاء الأجراء إلى ظاهرة التحرش من طرف مشغليهم، على إعتبار أن المادة 40 من مدونة الشغل المغربية تعتبر التحرش الجنسي بمثابة خطأ جسيم يرتكبه المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة في حق الأجير، يخول بموجب ذلك لهذا الأخير إمكانية اللجوء إلى المحكمة لطلب التعويض الناتج عن مغادرته لمقر العمل، إعتبارا لأن مغادرته في حالة تعرضه للتحرش الجنسي يعتبر طردا تعسفي بمفهوم مدونة الشغل

ووفقا للقرار الصادر عن محكمة النقض عدد 758 بتاريخ 2011/06/02 في الملف الإجتماعي عدد 2010/1/5/96 أن قيام الأجير بالتحرش الجنسي بزميلة له في مكان العمل بإرساله رسائل هاتفية مخلة بالآداب يعد خطأ جسيما يبرر فصله من العمل، وإن صدور حكم ببراءته من جريمة التحريض على الفساد لا يمنع المشغل من إثبات إرتكابه الفعل المعد خطأ جسيما، والذي يثبت بجميع وسائل الإثبات بما فيها شهادة الشهود

وبالتالي فإن مقر العمل يعتبر مكانا للشغل، خصه المشرع بالحماية من تجاوزات تتعلق بالصحة والسلامة، وذلك بغية تهيئ شروط العمل الصحية، والآمنة للأجراء، ورتب على مخالفتها غرامات وعقوبات زجرية لكل من اقترف هاته الأفعال

إن مفهوم التحرش الجنسي يمكن تعريفه بكونه تلك المضايقة ذات الطبيعة الجنسية، والتي قد تتدرج انطلاقا من أفعال أو أقوال أو إشارات أو غير ذلك من الإنتهاكات البسيطة، لتتضخم إلى المضايقات التي تكاد تبلغ مبلغ المحاولة في الإغتصاب أو هتك العرض، و يجدر الذكر إلى أنه يمكن أن يقع التحرش الجنسي على الضحية كيفما كانت ذكرا أو أنثى, وغالبا مايقع على الإناث حتى إرتبط التحرش الجنسي بالتصرفات المجرمة التي تدخل ضمن العنف ضد المرأة

وعلى ضوء ماسبق قام المشرع الجنائي المغربي بتجريم التحرش الجنسي في الفصل 503.1 من القانون الجنائي و الذي تم تعديله وتتميمه بموجب القانون 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء

و استنادا للفصل 1ـ1ـ503 من ق.ج.م، يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى 6 أشهر وغرامة من 2000 إلى 1000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحالات التالية

ـ في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسي

ـ بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو إشارات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية

تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها

والملاحظ من قراءة متن الفصلين أن جريمة التحرش الجنسي لا تتعلق فقط بتحرش الرجل ضد المرأة بل بالعكس أيضا، فرغم ورود التعديلات ضمن قانون مكافحة العنف ضد النساء إلا أنه يصح إعتماده إذا كان الضحية رجلا أيضا، وعليه فلا يهم جنس المتحرش ولا جنس الضحية هنا وبالتالي يصح إعتماده في كثير من الحالات المتعلقة بالتحرش الجنسي ثم العقوبات التي تتعلق بها

ومن المعلوم أن الركن المادي في جريمة التحرش الجنسي لا يتحقق إلا إذا أمعن أحدهم في مضايقة الغير، فالمشرع هنا اشترط توافر عنصر الإمعان وهذا طبعا سيخلق جدلا كبيرا في ميدان إثباته، وقد حصر الركن المادي للتحرش الجنسي في المضايقة في الفضاء الخاص كمقر العمل، و ذلك من خلال الإتيان بأفعال كلمس الضحية في مواضع حساسة أو بطريقة مستفزة دالة على طلب جنسي، أو أقوال كالتي يتبادلها الرجل مع زوجته أو الغزل المبالغ فيه والفاحش أو إتيان إشارات ذات طبيعة جنسية أو تدل على أغراض جنسية، ويدخل في باب الإشارات الغمز و إخراج اللسان وحركات الأيدي البديئة وما نحو ذلك مما يقوم به المتحرشون

أو من خلال إرسال رسائل مكتوبة تتضمن تحرشا جنسيا أو من خلال الإتصال الهاتفي والمضايقة الهاتفية المنتشرة جدا في وقتنا هذا، أو عبر التواصل الإلكتروني كمواقع التواصل الإجتماعي مثلا أو بعث تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية إلى الضحية قصد المضايقة

و يتحقق الركن المعنوي للتحرش الجنسي داخل مقر العمل من خلال تحقق القصد الجنائي لدى الفاعل، وذلك بعلمه أن يقوم بالتحرش بالغير من دون رضا هذا الأخير

إن ضحية التحرش الجنسي ينبغي أن يسلك مسطرة قانونية خاصة، وذلك بوضعه شكاية أمام المصلحة الخاصة بالعنف ضد المرأة المحدثة لدى مصالح الأمن الوطني أو الدرك الملكي على حسب دائرة نفوذ مقر العمل الذي إقترف فيه الفعل، أو عن طريق شكاية توضع بشكل شخصي أمام خلية التكلف بالنساء ضحايا العنف لدى المحكمة الإبتدائية التابع لها مقر العمل الذي تعرضت فيه الضحية للتحرش الجنسي، ولها – الضحية – الحق في أن تنتصب طرف مدنيا مطالبة الفاعل بالتعويض على ما إقترفه من ضرر نفسي ومعنوي تثبت على أنها أصيبت به، و لها الحق بأن تلتمس بأن تحكم المحكمة على الفاعل بتدبير وقائي يفيد عدم إتصال الفاعل بالضحية لمدة تحددها المحكمة، كما أنه بإمكانها أن تلتمس إيداعها بمركز للعلاج، و ذلك بغية أن تعالج من جراء ما حصل لها من أضرار نفسية جسمية

وفي الأخير وإيمانا برأي بعض الفقه الذي يؤكد على أنه ينبغي التنويه والتذكير على أن هناك خيطا رفيعا بين الغزل والتحرش الجنسي، وأنه درءا للشبهات لابد للمرء أن يحتاط في إطار المقتضيات الجديدة، لذلك لابد من ضرورة إيلاء دراسات علمية جديدة للتحرش الجنسي داخل مقر العمل والتشدد في عقاب

نبذة عن صاحب المقال

إسماعيل بوكيلي مخوخي

طالب باحث بسلك الدكتوراه مختبر القانون، الفلسفة، المجتمع، بنية البحث قانون الأعمال و العدالة البديلة بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

عضو بالعيادة القانونية بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس