تعد إيغودار أو المخازن الجماعية، على الرغم من أنها لم تكتسب شهرة واسعة، بنيات تراثية فريدة وجزء لا يتجزأ من التراث الأمازيغي المادي واللامادي بالمغرب
يشير مصطلح أغادير (مفرد إيغودار) في الجزء الشرقي من جبال الأطلس الكبير وسهول سوس وجبال الأطلس الصغير، إلى مخزن محصن. تتواجد هذه البنيات التي يعود تاريخها إلى قرون في جميع أنحاء شمال إفريقيا، وخاصة في المغرب مع حوالي 550 مبنى منتشرة في جميع أنحاء وسط وجنوب البلاد، حسب وزارة الثقافة المغربية. تخزن العائلات في المخازن الجماعية هذه اللوز والشعير وسندات الملكية والنقود والفضة والمجوهرات والملابس والسجادات وأي أشياء ثمينة أخرى. يتم استخدام المخازن وإدارتها من قبل عدد من العائلات التي تنتمي إلى نفس القبيلة التي تعين أمينا لإدارة المؤسسة وفقا لجدول زمني محدد. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت القوانين العرفية التي وضعها السكان المحليون في ضمان استمرارية بعض هذه المؤسسات
تطورت هذه المخازن القديمة بمرور الوقت. ويعود أصلها إلى فترة الترحال، حيث استخدمت القبائل الرحل في جنوب المغرب الكهوف كمخازن لحفظ الطعام والمواد الثمينة. عندما بدأت بعض القبائل تتبنى أسلوب حياة أكثر استقرارا في القرنين 16 و 17، أصبحت الكهوف تعرف باسم إيغودار، واستمرت القبائل في استخدام هذه البنيات منذ ذلك الحين
تطور إيغودار إغرم منذ سنة 1745. الصورة لسليمة الناجي (المراحل المحتملة لتطور إيغودار إغرم منذ عام 1745 وفقا لبيان شخصي والمعلومات الواردة في اللوح وشهادات)
لا تزال المؤسسة قائمة اليوم في بعض المناطق في المغرب. في دائرة إغرم، يوجد 14 مخزنا جماعيا بمختلف الأشكال، بما في ذلك مخازن مربعة ودائرية ومستطيلة. تتكون المخازن من 33 إلى 366 حجرة. في سنة 1745، أسست إحدى عشائر قبيلة إيدا أوكنسوس أغادير الخاص بهم في ما يعرف الآن باسم بلدية إغرم (قرية إغرم سابقا)
الباب الرئيسي لأغادير إغرم. الصورة: جمال مغيوزي/مؤسسة الأطلس الكبير
أغادير إغرم عبارة عن مبنى مربع مكون من طابقين يغطي مساحة تزيد عن 1000 متر مربع. يحتوي على 110 غرفة وغرف أخرى تختلف وظائفها. استخدم سكان إغرم مواد محلية مثل الحجارة والقصب والطين لبناء المخزن الجماعي الخاص بهم. منذ حوالي ست سنوات، قاموا ببناء جدار وأبراج مراقبة حول المبنى الأصلي باستخدام الحجارة والخرسانة. ولهذه المؤسسة الاجتماعية قانونها العرفي الخاص الذي ينظم تعيين الوصي عليها وكيفية إدارتها، إذ تحرصها حاليا امرأة، فتسمح للزوار بدخول غرف معينة نظرا لوجود حجر تخزين أخرى حيث لا يزال السكان المحليون يستعملونها للاحتفاظ ببعض أغراضهم الثمينة
في شهر غشت، اجتمع أعضاء قرية إغرم ونظموا مهرجانا ثقافيا بعنوان ريما، حيث تقاسموا العشاء في الساحة ( ما يعرف بأسراغ) أمام المخزن الجماعي. مثل باقي المخازن الأخرى في جنوب المغرب، تجذب الهندسة المعمارية الأمازيغية القروية لهذه البنايات اهتمام العديد من المهندسين المعماريين والباحثين المشهورين الذين أجروا بحوثا حول هذه الآثار المغربية القروية التي تتمركز في جبال الأطلس الصغير. ووفقا لسليمة ناجي، مهندسة معمارية وعالمة أنثروبولوجيا، تعتبر أغادير “تراثا مهددا بالانقراض”. بناء على دراسة أولية أجرتها، خمسة وتسعين بالمائة من هذه البنيات لم تعد تشهد أي عمليات ترميم أو صيانة بسبب نقص الموارد أو تراجع اهتمام السكان المحليين بهذا التراث
تجسد الهندسة المعمارية الدقيقة لإيغودار براعة الأسلاف الأمازيغ. تجسد هذه البنيات العتيقة، التي تعتبر أقدم نظام بنكي في العالم، الممارسات المجتمعية القديمة التي ساعدت السكان على تجاوز النزاعات القبلية وتحمل الظروف المناخية القاسية
—
هذا المقال هو جزء من حملة شهر التراث في المغرب (18 أبريل – 18 مايو) التي تحتفي بالتراث الغني للمملكة، في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب
تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة