All Insights

الهجرة في المغرب وتحديات الواقع: رؤية من منظور العيادة القانونية

Son06
Blog
byكوثر كورماط
onApril 7, 2025

في 10 يناير 2025، كان لنا موعد مع تجربة فريدة في كلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، حيث أشرف الأستاذ رابح إيناو على تأطير أول دورة تكوينية للعيادة القانونية، بتنظيم من مؤسسة الأطلس الكبير بشراكة مع جامعة محمد الأول - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وبتعاون وتنسيق مع العيادة القانونية، بتمويل من الصندوق الوطني للديمقراطية. وتندرج هذه الدورة التكوينية ضمن مشروع تعزيز مشاركة المجتمع المدني والجامعة - جهة الشرق. منذ اللحظة الأولى، بدا جليا أن هذه الدورة ستكون مختلفة عن المحاضرات التقليدية، فقد استهل الأستاذ اللقاء بكلمة ترحيبية أضفت علينا شعورا بالانتماء، مؤكدا أن الهدف الرئيسي لهذه الدورة هو الانتقال من التعليم النظري إلى التطبيق العملي.

انطلقت الدورة التكوينية بعرض شامل للمحاور الرئيسية التي تناولت مفهوم العيادة القانونية وأصولها وأهميتها، بالإضافة إلى تطبيقاتها العملية في كليات الحقوق. بدأ الأستاذ بتوضيح أن العيادة القانونية هي بنية تعليمية تعتمد على التعلم من خلال التطبيق، مع تسليط الضوء على جذورها التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، حيث ظهرت كوسيلة لدعم الفئات المهمشة وتعزيز العدالة الاجتماعية. كما تناولت الدورة تطور العيادات القانونية على الصعيدين العالمي والمحلي، حيث تم استعراض كيف تلبي هذه العيادات احتياجات متنوعة، بدءًا من حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية وصولًا إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا. وفي السياق المغربي، تم تكيف العيادات مع الثقافة والقانون المحلي، من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني لمعالجة قضايا مثل العنف الأسري وحقوق العمال. كما تم التعريف بمنهجية التعلم التجريبي التي تدمج النظرية بالتطبيق في المنهج الإكلينيكي.

كانت هذه الدورة التكوينية تجربة تعليمية عملية، حيث كان الجانب العملي منها هو الأكثر إلهاما. فقد تم توزيع نوازل قانونية مرفقة بأسئلة إرشادية على الطلبة، مما وضعنا في مواجهة مباشرة مع قضايا حقيقية، حيث تعلمنا كيفية تحليل الحالات المعقدة، واستخراج العوائق التي تعترض المستفيد من وصوله الى العدالة واقتراح حلول لها من خلال البحث في قوانين ونصوص تشريعية أو من خلال اقتراح تدخل إحدى الهيئات غير الحكومية حسب نوع القضية المعروضة. وقد وجدنا أن هذا يفتح أمامنا آفاقا جديدة لفهم القانون وتطبيقه بطريقة مبتكرة.

لم تكن هذه الدورة مجرد لقاء تكويني عادي، بل كانت تجربة غيرت طريقة تفكيري كطالبة في القانون. فقد تعلمت أن القانون ليس مجرد نصوص جامدة، بل هو أداة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية. كما اكتسبت مهارات جديدة مثل التفكير النقدي، والتحليل، والتواصل الفعال.

فمن خلال هذه التجربة، أصبحت أكثر وعيا بأهمية العمل الجماعي والتعاون في سبيل نشر المعرفة القانونية داخل المجتمع. كما أدركت قوة التطبيق العملي في تعزيز الفهم النظري وصقل المهارات المهنية.

وفي الختام، خرجت من هذه الدورة وأنا أشعر بدافع قوي ورغبة متجددة في مواصلة هذا التدريب، الذي أصبح بالنسبة لي أكثر من مجرد فرصة أكاديمية، بل تجربة حية ومعيشة تلامس الواقع القانوني بشكل مباشر. كانت الدورة بداية رائعة لرحلة طويلة نحو تطوير الذات والمساهمة في تعزيز العدالة داخل المجتمع.