البيان الختامي العام للمؤتمر الدولي حول :الإسلام والتغيرات المناخية
صدر البيان التالي خلال المؤتمر الدولي حول الإسلام والتغيرات المناخية، الذي نظمته مؤسسة الأطلس الكبير بشراكة مع كلية الشريعة التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ومبادرة LINGO، وجرمان واتش، وغرين فايث، بمشاركة خبراء المناخ والفقهاء في نقاش يهدف إلى تعزيز سبل تحقيق العدالة المناخية من المنظور الإسلامي
بتاريخ 24، 25، 26 فبراير 2023 الموافق ل 3،4،5 شعبان 1444ه، بكلية الشريعة التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس التي تشتهر بكونها العاصمة الروحية للمملكة، لاحتضانها مختلف الديانات. ويعرف المغرب، كونه بلدا إفريقيا وعربيا إسلاميا، بتشبثه بهويته الدينية وتعدد أعراقه، فضلا عن التزامه بمكافحة قضايا تغير المناخ، باعتباره بلدا رائدا في مجال الطاقات المتجددة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس
وبحضور ممثلي وأعضاء المجتمعات الإسلامية وأتباع ديانات أخرى وخبراء علوم وسياسات التغير المناخي من عشرة دول، انعقد المؤتمر العلمي الدولي حول الإسلام والتغيرات المناخية، وبعد النقاش الفقهي والتدارس العلمي الجاد للقضايا موضوع النقاش خلص المؤتمرون إلى مجموعة من الخلاصات والتوصيات أهمها
أولا: الخلاصات
- العالم يمر بحالة طوارئ مناخية غير مسبوقة
- توازن الغلاف الجوي المتواجد منذ فجر الحضارة الإنسانية قد اختل، حيث ارتفع تركيز ثنائي أكسيد الكربون بالغلاف من مائتين وثمانين جزءا في المليون، إلى زيادة بلغت أربعمائة وعشرين جزءا في المليون
- التدخل البشري أدى إلى ارتفاع درجة حرارة العالم بمقدار 1.1 درجة مئوية مقارنة مع درجات الحرارة لعصر ما قبل الصناعة، في حين أن 1.5 درجة مئوية هو الحد الذي اتفقت عليه جميع الدول في عام 2015، لتقليل احتمال ارتفاع نقاط التحول الخطيرة نحو اضطراب مناخي لا يمكن السيطرة عليه
- الارتفاع الحراري الحالي أدى إلى خسائر وأضرار جلية في جميع أنحاء العالم نتيجة الكوارث المناخية، بما في ذلك وفاة البشر، وفقدان الممتلكات وضيق سبل العيش، والانقراض الجماعي للعديد من الكائنات الحية الأخرى
- آثار تغير المناخ، مثل الجفاف وموجات الحر والعواصف والفيضانات، تظهر بشدة في مناطق شمال وغرب وشرق أفريقيا وغرب وجنوب وجنوب شرق آسيا، وهي أيضا أوطان لكثير من المجتمعات المسلمة في العالم التي لا تتحمل أي مسؤولية تاريخية في ذلك
- أغلب انبعاثات الغازات “الدفيئة” تنشأ من استخراج وحرق الوقود الأحفوري، أي الفحم والنفط والغاز، ورغم أن استعماله يوفر فوائد للبشرية، إلا أن الإفراط في استغلاله أصبح يشكل خطرا غير عادي، بشكل عام، على البشرية، لذا ينبغي ترشيد استخدامه تدريجيا، بناء على مبدأ الإنصاف، والانتقال العادل، ودعم الفئات الهشة المتضررة
- يعتبر الإسلام أن الإنسان في علاقته بالبيئة خليفة في الأرض تقوم على اعتبارها أمانة ينبغي الحفاظ عليها وهو مسؤول ومحاسب عن تصرفاته المخير فيها داخل دائرة التسيير
- علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وبمجتمعه وبيئته يحضرها الجانب العقدي بقوة، وتؤطرها نصوص دينية تدعو إلى ضرورة التعاون المشترك من أجل الحفاظ على البيئة وإصلاحها، نذكر منها قوله تعالى: [وتعاونوا على البر والتقوى] وقوله عز وجل: [ولا تفسدوا في الأرض (التلوث) بعد اصلاحها] وقول صلى الله عليه وسلم: “ارحمو من في الارض يرحمكم من في السماء”. واجتماع هذه المعاني الثلاث المقررة في النصوص أعلاه (الرحمة ،التعاون، الإصلاح) يساعد في مواجهة المشكلات المناخية من جهة، وتفعيل وتنزيل المشاريع ذات الصلة من جهة ثانية
- الميزان والتوازن مبدأ إسلامي عام، حيث أن التوازن والاعتدال خاصية من خصائص الشريعة الإسلامية، والناس شركاء في ثلاثة الماء والكلأ والنار. لذلك، فالحفاظ على التوازن باعتباره أصل في الكون وفطرة في الخلق مقصد إسلامي
- المؤتمر يسعى إلى تعميق فهم المنظور الإسلامي نحو البيئة والمناخ، لزيادة الوعي البيئي داخل المجتمعات الانسانية في جميع أنحاء العالم، وتعزيز الممارسات والسلوك المستدام. وتحقيقا لهذه الغاية، اقترحنا مبادرة الإسلام والعمل المناخي خلال المؤتمر الدولي حول الإسلام وتغير المناخ الملتئم في 26،25،24 فبراير 2023. هذه المبادرة أسندت لها مجموعة من المهام المشار إليها ضمن التوصيات عقبه
- المبادرة هي بمثابة شراكة بين المنظمات الدولية والوطنية والمؤسسات الأكاديمية والهيئات ذات الاهتمام المشترك. كما ترحب المبادرة بانضمام الباحثين والجمعيات والمؤسسات المعنية. وسيكون مقر الأمانة العامة للمبادرة بمؤسسة الأطلس الكبير، التي ستعمل على توفير فضاءات عقد الاجتماعات (كالمؤتمر السنوي ومختلف اجتماعات المبادرة)، وتقديم الدعم للشركاء عند الاقتضاء، وضمان الانسجام والتعاون بين جميع الشركاء
ثانيا: التوصيات
- الدعوة إلى اعتماد طاقات متجددة في الاقتصاد المعاصر تزامنا مع تنزيل سياسة الحد من التدخل البشري في النظام المناخي.2-للتخفيف من الانبعاثات الغازية يرى فقهاء الإسلام ضرورة اعتماد عنصرين أساسين:– الأول: التوسط والاعتدال في استغلال خيرات الأرض بمنح الأولوية للضروريات قبل الكماليات وفق مقاصد الشريعة الإسلامية.2-الثاني: المساءلة والمحاسبة انطلاقا من قاعدة “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.– الدعوة إلى إنجاز بحوث جديدة من منطلق الكتاب والسنة والفقه الإسلامي بالتعاون مع العلماء والمتخصصين في مجال المناخ والبيئة، إبرازا للتصور الإسلامي للبيئة. وسعيا لتحقيق هذه الغاية، ستسعى هذه المبادرة إلى الاستفادة من الخبرات والموارد المشتركة.
- نشر البحوث العلمية من خلال المجلات والكتب العلمية والمواد التعليمية التي تركز على قضايا المناخ والبيئة والمجالات المرتبطة بهما وجعل هذه الموارد العلمية رهن إشارة العموم.
- تجميع الأحكام الفقهية الخاصة بحماية البيئة والمحافظة عليها ودعوة كل الجهات المختصة بالفتوى والتشريع إلى ضرورة الالتفات إلى حالة الطوارئ المناخية بجميع تجلياتها و أسبابها و إصدار أحكام و فتاوى فقهية و تشريعات تسعى لدرء مخاطرها على الإنسانية.
- لابد من الاستفادة من تراث الفقه الاسلامي الذي اهتم بأحكام البيئة من خلال تنظيم أحكام المياه، أحكام المغارسة المزارعة، ونوازل البيئة وغيرها مما يقوم على اعتبار مقاصد الشريعة الإسلامية.
- القيام بأنشطة تكوينية وتثقيفية بالإضافة إلى حملات التوعية الموجهة لطلبة الجامعات والمرأة والشباب والأئمة، وأعضاء المؤسسات العامة والخاصة لتعميق المعرفة، ورفع مستوى الوعي وتعزيز الممارسات المستدامة.
- تنظيم فعاليات ومؤتمرات وندوات حول القضايا المناخية والبيئية من منظور إسلامي، وتعزيزا للشراكات بين المنظمات والهيئات، وتدارس القضايا ذات الصلة المطروحة على طاولة البحث، وتطوير الحلول بشكل مشترك وتفعيلها.
- تتولى كلية الشريعة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس إحداث مرصد إسلامي لفقه البيئة والمناخ لاستكشاف مجالات التقاطع والالتقاء بين الإسلام وحالة الطوارئ المناخية.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن طلبة الكلية سيعملون على إحداث نادي الطلبة حول الإسلام والبيئة.
خبراء المناخ وعلماء مسلمون ودعاة العدالة المناخية أثناء مشاركتهم في مناقشات جماعية خلال اليوم الثالث من المؤتمر الدولي حول الإسلام والتغيرات المناخية بكلية الشريعة، فاس، المغرب. فبراير 2023
تصوير: عبد الغني كستيح/مؤسسة الأطلس الكبير