جميع الأفكار

حوار مع الأب جون كلود غون، قس كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة

Dakira9
byمحمد الشادلي
onFebruary 3, 2023

English Version

أسبوع الوئام العالمي بين الأديان

حوار مع الأب جون كلود غون، قس كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة

الصويرة، المغرب

“كان هدفي الأسمى هو بناء علاقات وصداقات على المستوى الشخصي، وليس فقط بين المؤسسات. لحسن الحظ، آتت جهودي ثمارها وأنا فخور بأن أقول إنني الآن أعتبر جزءا من مجتمع الصويرة. لم تكن عملية الاندماج بالأمر السهل، خاصة كوني من ديانة مختلفة، ولكن الآن يمكنني القول أنه أصبح لدي مكان هنا. على الرغم من أنني من ديانة مختلفة، إلا أنني أنتمي إلى هذا المكان باعتباري مقيما بمدينة الصويرة. “أنت منا”. لطالما أسمع هذا التعبير وتغمرني السعادة في كل مرة أسمعه. إننا نحترم بعضنا البعض. نحن مختلفون، وهذا شيء عظيم. كل يوم، أشعر وكأنني متبنى ويزداد شعوري بالانتماء. أشعر أنني جزء من سكان المدينة رغم اختلاف أدياننا. الآن، يمكنني أن أقول بكل ثقة أنني أثبتت وجهة نظري المتمثلة في أنه عندما نعيش معا لفترة طويلة، فإننا نتعرف على بعضنا البعض بشكل أعمق. لهذا السبب اخترت البقاء في الصويرة طوال حياتي تقريبا: اثنان وأربعون عاما هي عمر كامل قد يعيشه المرء”

الأب جون كلود غون، قس كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة، المغرب. الصورة: مؤسسة الأطلس الكبير

نبذة عن الأب غون

يبلغ الأب جون كلود غون من العمر 86 سنة، وهو من أصل فرنسي. خدم بالجيش في الجزائر في الفترة ما بين 1958 و1960، حيث أتيحت له الفرصة لتعليم الأطفال الذين لم يسبق لهم الذهاب إلى المدرسة. كان هذا أول لقاء له مع العرب أو المسلمين. بعد أن خاض هذه التجربة، أبحر في رحلة لمعرفة المزيد عن هذه الثقافة الجديدة والأشخاص الجدد الذين التقى بهم

كان الأب غون متعطشا لخوض تجربة العيش في مكان مختلف عن مكان نشأته. كانت رغبته وطموحاته تتمثل في تبادل القصص والخبرات مع مختلف الناس. بصفته قسا، تم تعيينه في المغرب وحط الرحال بالمملكة سنة 1967. في البداية، عمل الأب غون بكاتدرائية الرباط، ولكن بما أنها العاصمة وكونها مدينة كبيرة، شعر أنها تشبه إلى حد كبير بلده الأم

اقترح عليه زملاؤه زيارة المدن الصغيرة والمناطق القروية بالمغرب، وهكذا جاب البلاد وزار العديد من الأماكن، مثل تازة وصفرو وأرفود والصويرة. أثارت رحلات الأب غون اهتمامه بالثقافة المغربية، وطور رغبة في تعلم اللغة للتفاعل مع المزيد من الأشخاص. في سنة 1980 ، تم تعيين الأب غون قسا لكنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة

“كمسيحي، أكن الكثير من الاحترام لبلدي المضيف. عادة ما يكون متوسط إقامة القس المقيم حوالي خمس أو ست سنوات، لكنني اخترت البقاء لفترة أطول. فكرتي هي أنه بالإضافة إلى واجباتي كقس، أحتاج إلى التعرف عن الآخرين عن كثب ومنحهم الفرصة للتعرف علي. فهمت أن الأمر لن يكون سهلا وسيستغرق وقتا طويلا. لتحقيق هدفي، كنت بحاجة إلى معرفة خصائص المدينة والتفاعل السكان المحليين والاختلاط معهم في السوق وفي الشوارع وفي الحي”

“عندما جئت إلى الصويرة لأول مرة سنة 1980، لم يكن الناس معتادين على رؤية القسيس، خاصة وأن الكنيسة ظلت دون قس لمدة 10 سنوات قبل وصولي. لكنني أعتقد أنه بفضل إقامتي هنا، أصبح الناس على دراية بي وبدأوا في تقبلي كجزء من المجتمع. هناك كلمة أحبها كثيرا:

نبذة عن الأب غون

يبلغ الأب جون كلود غون من العمر 86 سنة، وهو من أصل فرنسي. خدم بالجيش في الجزائر في الفترة ما بين 1958 و1960، حيث أتيحت له الفرصة لتعليم الأطفال الذين لم يسبق لهم الذهاب إلى المدرسة. كان هذا أول لقاء له مع العرب أو المسلمين. بعد أن خاض هذه التجربة، أبحر في رحلة لمعرفة المزيد عن هذه الثقافة الجديدة والأشخاص الجدد الذين التقى بهم

كان الأب غون متعطشا لخوض تجربة العيش في مكان مختلف عن مكان نشأته. كانت رغبته وطموحاته تتمثل في تبادل القصص والخبرات مع مختلف الناس. بصفته قسا، تم تعيينه في المغرب وحط الرحال بالمملكة سنة 1967. في البداية، عمل الأب غون بكاتدرائية الرباط، ولكن بما أنها العاصمة وكونها مدينة كبيرة، شعر أنها تشبه إلى حد كبير بلده الأم

اقترح عليه زملاؤه زيارة المدن الصغيرة والمناطق القروية بالمغرب، وهكذا جاب البلاد وزار العديد من الأماكن، مثل تازة وصفرو وأرفود والصويرة. أثارت رحلات الأب غون اهتمامه بالثقافة المغربية، وطور رغبة في تعلم اللغة للتفاعل مع المزيد من الأشخاص. في سنة 1980 ، تم تعيين الأب غون قسا لكنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة

“كمسيحي، أكن الكثير من الاحترام لبلدي المضيف. عادة ما يكون متوسط إقامة القس المقيم حوالي خمس أو ست سنوات، لكنني اخترت البقاء لفترة أطول. فكرتي هي أنه بالإضافة إلى واجباتي كقس، أحتاج إلى التعرف عن الآخرين عن كثب ومنحهم الفرصة للتعرف علي. فهمت أن الأمر لن يكون سهلا وسيستغرق وقتا طويلا. لتحقيق هدفي، كنت بحاجة إلى معرفة خصائص المدينة والتفاعل السكان المحليين والاختلاط معهم في السوق وفي الشوارع وفي الحي”

“عندما جئت إلى الصويرة لأول مرة سنة 1980، لم يكن الناس معتادين على رؤية القسيس، خاصة وأن الكنيسة ظلت دون قس لمدة 10 سنوات قبل وصولي. لكنني أعتقد أنه بفضل إقامتي هنا، أصبح الناس على دراية بي وبدأوا في تقبلي كجزء من المجتمع. هناك كلمة أحبها كثيرا: أي أن تعتاد على شيء ما وتتعرف عليه، لكن هذا الأمر يشمل كلا الطرفين”

يواصل الأب غون شرحه: “يجب على الناس” أن يعتادوا ويتعرفوا على بعضهم البعض، ويكتشفوا كيف يتقبلون اختلافاتهم. ليس من الصحي أن تنغلق المجتمعات على نفسها. هذا ليس ما أمر به الله. أمر الله أن يتعرف البشر على بعضهم البعض. يجب أن تعرف المجتمعات المزيد عن بعضها البعض وأن تساعد الآخرين على معرفة المزيد عنها. ويستغرق هذا الأمر مجهودا يوميا. للقيام بذلك، كان علي قضاء بعض الوقت خارج الكنيسة، ومقابلة الناس، والتفاعل معهم كإنسان لأكثر من 40 عاما. أشرح للناس من أنا، وأسمع قصصهم أيضا. هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به عندما يريد الناس التعرف على بعضهم البعض “

الكنيسة الوحيدة التي تدق أجراسها في المغرب

تم بناء أول كنيسة في الصويرة، الكنيسة الأنجليكانية، في المدينة العتيقة استجابة لاحتياجات التجار الإنجليز الذين كانوا يقطنون بالمدينة آنذاك

مع تزايد الوجود العسكري الفرنسي والزيادة الموالية في عدد المسيحيين الذين وفدوا إلى المغرب في القرن 19 قبل فرض نظام الحماية، تم بناء كنيسة أخرى خارج المدينة العتيقة، والتي أصبحت تعرف باسم كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون). اليوم، تعتبر هذه الأخيرة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة التي ما زالت تشتغل في الصويرة، وهي الكنيسة الوحيدة في المغرب التي لا تزال أجراسها تدق أيام الأحد. أي أن تعتاد على شيء ما وتتعرف عليه، لكن هذا الأمر يشمل كلا الطرفين”

يواصل الأب غون شرحه: “يجب على الناس” أن يعتادوا ويتعرفوا على بعضهم البعض، ويكتشفوا كيف يتقبلون اختلافاتهم. ليس من الصحي أن تنغلق المجتمعات على نفسها. هذا ليس ما أمر به الله. أمر الله أن يتعرف البشر على بعضهم البعض. يجب أن تعرف المجتمعات المزيد عن بعضها البعض وأن تساعد الآخرين على معرفة المزيد عنها. ويستغرق هذا الأمر مجهودا يوميا. للقيام بذلك، كان علي قضاء بعض الوقت خارج الكنيسة، ومقابلة الناس، والتفاعل معهم كإنسان لأكثر من 40 عاما. أشرح للناس من أنا، وأسمع قصصهم أيضا. هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به عندما يريد الناس التعرف على بعضهم البعض “

الكنيسة الوحيدة التي تدق أجراسها في المغرب

تم بناء أول كنيسة في الصويرة، الكنيسة الأنجليكانية، في المدينة العتيقة استجابة لاحتياجات التجار الإنجليز الذين كانوا يقطنون بالمدينة آنذاك

مع تزايد الوجود العسكري الفرنسي والزيادة الموالية في عدد المسيحيين الذين وفدوا إلى المغرب في القرن 19 قبل فرض نظام الحماية، تم بناء كنيسة أخرى خارج المدينة العتيقة، والتي أصبحت تعرف باسم كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون). اليوم، تعتبر هذه الأخيرة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة التي ما زالت تشتغل في الصويرة، وهي الكنيسة الوحيدة في المغرب التي لا تزال أجراسها تدق أيام الأحد

كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون)، الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة التي ما زالت تشتغل في الصويرة. الصورة: أمال منصوري/ مؤسسة الأطلس الكبير

كان معظم زوار الكنيسة في البداية فرنسيين، ولكن مع مرور الوقت، بدأ أشخاص من جنسيات مختلفة من جميع أنحاء العالم يتوافدون لزيارة الكنيسة. حسب الأب غون، يعزى هذا التنوع من حيث الزوار إلى كل من الدور الذي تلعبه العولمة والمرشدون السياحيون القلائل الذين يبذلون قصارى جهدهم للإشارة إلى وجود كنيسة في المدينة والتي تفتح أبوابها أمام الزوار. بالإضافة إلى ذلك، خلال العطل، يقوم العديد من الطلاب المغاربة الذين تتمحور مشاريعهم البحثية على التراث المغربي المتعدد الثقافات بزيارة الكنيسة لمعرفة المزيد عن تاريخها. “عموما، من الجيد والمفرح دائما التفاعل معهم. لقد جعلتني هذه اللقاءات أكثر وعيا بمدى انفتاح الشباب على الثقافات الأخرى “، أضاف الأب غون

ذكريات تثلج الصدر

عندما سُئل الأب غون عن ذكريات مميزة عن فترة إقامته بالمغرب، لمعت عيناه وهو يستحضر قصة مؤثرة. “كنت في زيارة لمدينة صفرو، وكانت أول ليلة أقيم فيها في منزل هناك. عندما استيقظت في الصباح، وجدت وعاء به تين وآخر به حريرة (حساء) عند الباب الأمامي. كان الطعام من عند الجيران الذين لم أكن أعرفهم على الإطلاق. على ما يبدو، سمعوا أن هناك شخصا جديدا في المنزل [حيث كنت أقيم]، وتركوا الطعام له ليأكله. كان تصرفا يثلج الصدر”

روى الأب غون ذكرى أخرى مع عائلة مسلمة في مدينة أرفود. “في الماضي، كان هناك الكثير من [الراهبات] في المستشفيات في جميع أنحاء المغرب اللواتي كانت خدماتهن موضع تقدير كبير. تم نقل امرأة في أرفود إلى المستشفى في فاس وعالجتها إحدى الراهبات. بعد شفائها، ظلت على اتصال مع الراهبة واستمرت في دعوتها إلى أرفود. كنت أخطط لرحلة إلى أرفود، وبالصدفة، ذهبت مع هذه الراهبة لزيارة عائلة المرأة. لقد رحبوا بنا حقا مثل الملوك. ما زلت أذكر كل تفاصيل تلك الرحلة وكرم الناس وحسن معاملتهم لنا. لا يزال لدي بعض الأصدقاء الأعزاء من هناك وأرغب في زيارة تلك المدينة مرة أخرى “

وأكد الأب غون على دور وسائل الإعلام كوسيلة لتثقيف جيل الشباب حول أهمية الحفاظ على تراث الوئام بين الأديان في المغرب، بالإضافة إلى أهمية إدراجه في البرامج التعليمية. “هناك شيء آخر مهم للغاية بالنسبة لي ألا وهو دور الأسرة في غرس قيم التقبل والاحترام المتبادل في أطفالهم.”

أفعال بسيطة ذات تأثير كبير

قبل سبع سنوات، كان الأب غون قد وضع لافتة تشير إلى اتجاه الكنيسة أمام فندق على الطريق الرئيسي بمدينة الصويرة. كان مدير الفندق في ذلك الوقت مساندا للغاية وسخيا حيث سهر على تثبيت اللافتة. مع مرور الوقت، أصبحت اللافتة يعتريها الغبار ويصعب قراءته. نظرا لموقعها المركزي، يمكن أن تكون اللافتة، إذا أعيد إصلاحها، أكثر وضوحا للزوار، الذين قد يأسرون باكتشاف أن مدينة الصويرة تتوفر على كنيسة. يفخر القس غون بهذا الإنجاز ويلح على الحاجة إلى تحديث اللافتات. “أشعر أن هذه هي الأشياء الصغيرة هي التي تؤدي في النهاية إلى إنجازات كبيرة. إن هذه المظاهر البسيطة للتعايش هي أكثر ما يهمني “

“الإنجاز الثاني الذي أفتخر به حقا هو أننا ما زلنا نقرع أجراس الكنيسة يوم الأحد. أعتقد أننا الكنيسة الوحيدة في المغرب التي لا تزال تقرع الأجراس. قرع تلك الأجراس له دلالة مسيحية مهمة، والآن اعتاد الناس عليها تماما. إذا لم أقرع الأجراس في أحد أيام الأحد، فإن الناس – جيراني وأصدقائي – يتساءلون عما إذا كان هناك خطب ما أو إذا ما كنت مريضا. ومع ذلك، كما أسلفت الذكر، استغرق نسج هذه العلاقات الكثير من الوقت والجهد “

وفي الختام، قدم الأب غون حكمة يمكن تطبيقها ربما في جميع مجالات الحياة والعمل: “السبب في أنني أخبركم عن هذه الإنجازات الصغيرة أو ما أود أن أسميه انتصارات صغيرة، هو أنها مهمة جدا ومؤثرة. وبالتالي، عندما نتحدث عن تحسين موقف معين، لا يتعلق الأمر دائما بالمشاريع الكبيرة واتخاذ إجراءات كبيرة. إذا كان بوسعنا فعل ذلك، فهذا رائع، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنا، فإن الخطوات الصغيرة لها تأثير أيضا، فهي مهمة أيضا وذات معنى كبير “

– –

هذا الحوار هو جزء من سلسلة من الحوارات التي تحتفل بأسبوع الوئام بين الأديان (1-7 فبراير 2023) والتي تم إجراؤها في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب

تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية . تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة