جميع الأفكار

قصة مدرسة خالدة لن تنسى

Screen Shot 2023 02 04 at 3 41 58 PM
المدونة
byMohammed Chadli
onFebruary 4, 2023

اسمي محمد مباشر، وولدت سنة 1939. اشتغلت مدرسا للغة الفرنسية بمدرسة الرياض، وهي مدرسة ابتدائية بمدينة المنزل، إقليم صفرو، قبل أن أتقاعد سنة 2002. أبلغ من العمر حاليا 83 عاما، وأسعد دائما بمشاركة قصتي عن 42 عاما من التدريس بمدرسة كانت معروفة بأنها مركز إشعاع للتنوع والشمول. -محمد مباشر

بهذه الكلمات، اختار سي محمد أن يعرف بنفسه. لأنني سمعت الكثير عن مدرسة الرياض، أثار تاريخها فضولي. عندما ذكرت اسم المدرسة لأول مرة، أجاب سي محمد بشغف باللغة الفرنسية “J’ai eu l’honneur de travailler à l’école Ryad” (باللغة العربية: “لقد تشرفت بالعمل في مدرسة رياض”). في تلك اللحظة، استطعت أن أفهم بسهولة، من بريق عينيه، أن المدرسة لم تكن مجرد مكان عمل بالنسبة له

حسب سي محمد، تعتبر المدرسة واحدة من أقدم المؤسسات التعليمية بجهة فاس. تأسست سنة 1923 خلال فترة الحماية الفرنسية. لذلك، كان نظام التعليم المغربي في ذلك الوقت مرتبطا ارتباطا وثيقا بالإدارة الفرنسية

سميت المدرسة في الأصل “بالمنزل”، ولكن بعد بضع سنوات، تم تغييرها إلى مدرسة الرياض نسبة إلى المنطقة التي بنيت عليها، والتي تضم بساتين وأشجار فاكهة. بالإضافة إلى الفصول الأساسية، كانت المدرسة تقدم دورات في الزراعة والنجارة والميكانيك وتربية الحيوانات. لطالما كان سي محمد يحلم بأن يصبح معلما. في سنة 1949، حضر أولى دروسه في مدرسة رياض، حيث درس لمدة أربع سنوات. في وقت لاحق من حياته، أصبح يدرّس في هذه المدرسة نفسها لأكثر من أربعة عقود، ومن هنا تأتي قصة تعلقه بها. “كان تورافال، من أصل فرنسي، أول مدير لشؤون الطلاب في المدرسة، وكان أول طالب يلتحق به هو محمد بلقايد سنة 1925. حتى أنني أذكر أسماء جميع أساتذتي الفرنسيين”، أضاف سي محمد

قادتنا محادثتنا إلى التحدث عن الخصائص الثقافية والاجتماعية للمدرسة. “في الواقع، كانت المدرسة مميزة للغاية لأنها كانت أول مدرسة أسستها قبيلة بني يازغة، لذلك استضافت طلابا من مختلف القرى الأمازيغية والعربية، بالإضافة إلى معلمين من مختلف الجنسيات والأديان، بما في ذلك المسلمين واليهود والمسيحيين. واعتبرت المدرسة مركزا للحوار بين الثقافات في المنطقة نظرا لتنوع خلفيات موظفيها ومعلميها

على الرغم من أن المدرسة قد تبنت نظاما تعليميا فرنسيا، إلا أن المعلمين جاءوا من دول مختلفة، وخاصة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمغرب. “عملت جنبا إلى جنب مع زملاء يهود من أصول فرنسية واستخدمنا اللغة الفرنسية للتواصل مع بعضنا البعض. واتسمت ثقافة العمل بالاحترام المتبادل والتضامن

سألت سي مباشر عما إذا كان قد شهد بعض الاصطدامات الثقافية بين الموظفين، فأجاب: “خلال مسيرتي المهنية، لم أعش أي اصطدام ثقافي بيني وبين زملائي. لقد عشنا جنبا إلى جنب نعمل من أجل نفس الهدف، وهو توفير تعليم عالي الجودة. أتذكر الأصدقاء والزملاء، كانوا مسيحيين ويهوديين، كما أذكر السيدة بوتبول، معلمة يهودية، قدمت من مدينة صفرو. كانت امرأة لطيفة ومسؤولة. وعلى الرغم من الاختلافات الدينية والثقافية، كنا جميعا مرتبطين بقوة بنفس الهدف

Two senior men face each other, conversing.

سي مباشر يجلس مع تلميذه السابق سي الحسين الشاذلي أثناء المقابلة . الصورة: محمد الشاذلي/ مؤسسة الأطلس الكبير

أثناء التحدث مع سي محمد، انضم إلينا والدي الذي كان من بين الطلاب الذين درسهم سي محمد منذ عدة سنوات. ذكر هذا الأخير، أنه قام بتدريس 84 دفعة، بعضهم أصبح مدرسا أيضا، تماما مثل والدي، والبعض الآخر يمارس مهنا مختلفة. يشعر سي محمد بالفخر لأنه سيترك إرثا عظيما لجيل من الطلاب الذين كانوا على وعي تام بالقيم المشتركة التي كانت تجسدها المدرسة

واختتم سي مباشر حديثنا بملاحظة مؤثرة: “الطلاب مثل الزهور. كلما اعتنيت بهم أكثر، كلما كان المنظر والعطر الذي يقدمونه لك أكثر جمالية”، في إشارة إلى التلاميذ الذين درسهم

– –

محمد الشاذلي هو منسق ميداني لبرنامج ذاكرة-مؤسسة الأطلس الكبير التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بجهة فاس

هذا الحوار هو جزء من سلسلة من الحوارات التي تحتفل بأسبوع الوئام بين الأديان (1-7 فبراير 2023) والتي تم إجراؤها في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب

اقرأ المزيد من سلسلة الحوارات الخاصة بالأسبوع العالمي للوئام بين الأديان

مليكة ومحسن: حراس الذاكرة المسلمة-اليهودية في الصويرة

حوار مع سي مبارك، المشرف على مدرسة تلمود توراة (سابقا) بمدينة الصويرة

حوار مع الأب جون كلود غون، قس كنيسة السيدة العذراء (نوتردام دو لا سومبسيون) في الصويرة

تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة